كان الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث ، وما رأيت حافظاً ورد بغداد إلّا مضى إليه وسلّم له ، يعني : فسلّم له التقدمة في الحفظ وعلوّ المنزلة في العلم ، ثمّ بسط القول في ترجمته والثناء عليه.
وترجمه ابن خلكان في تاريخه ١ : ٣٥٩ وأثنى عليه (١) ، والذهبي في تذكرته ٣ : ١٩٩ ـ ٢٠٣ وقال : قال الحاكم : صار الدارقطني أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع ، وإماماً في القرّاء والنحويّين ، وأقمتُ في سنة سبع وستين ببغداد أربعة أشهر ، وكثر اجتماعنا ، فصادفته فوق ما وُصف لي ، وسألته عن العلل والشيوخ ، وله مصنّفات يطول ذكرها ، فأشهد أنّه لم يخلف على أديم الأرض مثله ... إلى آخره (٢).
وهناك توجد في كثير من المعاجم جمل الثناء عليه في تراجم ضافية لا نطيل بذكرها المقام ، ولقد أطلنا القول في إسناد هذا الحديث لأن نوقفك على مكانته من الصحّة ، وأنّ رجاله كلّهم ثقات ، وبلغت ثقتهم من الوضوح حدّاً لا يسع معه أيّ محوّر للقول أو متمحّل في الجدل أن يغمز فيها ، فتلك معاجم الرجال حافلة بوصفهم بكلّ جميل.
على أنّ ما فيه من نزول الآية الكريمة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
__________________
(١) وفيات الأعيان ٣ : ٢٩٧ رقم ٤٣٤.
(٢) تذكرة الحفاظ ٣ : ٩٩١ ـ ٩٩٥.