كفّه هذا الحديث؟! مع إمكان معارضة ابن كثير بمثل قوله في الجانب الآخر ، لمخالفته لما اثبتناه من نزول الآية الكريمة ، وهل لمزعمة ابن كثير مبرّر؟ غير أنّه يهوى أن يزحزح القرآن الكريم عن هذا النبأ العظيم! وإلّا لكان في وسعه أن يقول كما قال سبط ابن الجوزي في تذكرته : ١٨ : بإمكان نزولها مرّتين (١) ، كما وقع في البسملة وآيات أخرى قدّمنا ذكرها ص ٢٥٧ (٢).
ولابن كثير في تاريخه ٥ : ٢١٤ شبهة أخرى في تدعيم إنكاره للحديث ، وهي : حسبان أنّ ما فيه من أنّ صوم يوم الغدير يعدل ستّين شهراً يستدعي تفضيل المستحبّ على الواجب ، لأنّ الوارد في صوم شهر رمضان كلّه أنّه يقابل بعشرة أشهر ، وهذا منكر من القول باطل! انتهى (٣).
__________________
(١) تذكرة الخواص : ٣٠ ، ط المطبعة الحيدرية.
قال : ... على أنّ الأزهري قد روى عن خيشون؟ ولم يضعفه ، فإن سلمت رواية خيشون احتمل أنّ الآية نزلت مرّتين : مرّة بعرفة ، ومرّة يوم الغدير ، كما نزلت بسم الله الرحمن الرحيم مرّتين : مرّة بمكّة ومرّة بالمدينة.
(٢) قال المؤلّف في كتابه الغدير ١ : ٢٥٧ :
على أنّ من الجائز نزول الآية مرّتين ، كآيات كثيرة نصّ العلماء على نزولها مرة بعد أخرى ، عظة وتذكيراً ، أو اهتماماً بشأنها ، أو اقتضاء موردين لنزولها غير مرة : نظير البسملة ، وأول سورة الروم ، وآية الروح ، وقوله : «ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين» وقوله ...
راجع الاتقان للسيوطي ١ : ٦٠ ، وتاريخ الخميس ١ : ١١.
(٣) البداية والنهاية ٥ : ٢٣٣ حوادث سنة ١٠ للهجرة.