القرن الثالث ، وهذه الأخبار هي مصادر الشيعة ومداركها في اتّخاذ يوم الغدير عيداً منذ عهد طائل في القِدَم ، ومنذ صدور تلكم الكلم الذهبيّة من معادن الحُكم والحِكَم.
إذا عرفت هذا ، فهلمّ معي نسائل النويري والمقريزي عن قولهما : إنّ هذا العيد ابتدعه معزّ الدولة عليّ بن بُويه سنة ٣٥٢.
قال الأول في نهاية الأرب في فنون الأدب ١ : ١٧٧ في ذكر الأعياد الإسلاميّة :
وعيدٌ ابتدعته الشيعة ، وسمّوه عيد الغدير ، وسبب اتخاذهم له مؤاخاة النبي صلىاللهعليهوسلم علي بن أبي طالب يوم غدير خمّ ، والغدير : على ثلاثة أميال من الجحفة بسرّة الطريق قالوا : وهذا الغدير تَصُبُّ فيه عين وحوله شجرٌ كبير (١) ملتفّ بعضها ببعض ، وبين الغدير والعين مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واليوم الذي ابتدعوا فيه هذا العيد هو الثامن عشر من ذي الحجة ، لأن المؤاخاة كانت فيه في سنة عشر من الهجرة ، وهي حجّة الوداع ، وهم يحيون ليلتها بالصلاة ويُصلّون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال ، وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق الرقاب وبرّ الأجانب والذبائح. وأول من أحدثه معزّ الدولة أبو الحسن عليّ بن بُويه ، على ما نذكره إن شاء الله في أخباره في سنة ٣٥٢. ولمّا ابتدع الشيعة هذا العيد واتخذ [و] ه من سننهم ، عمل
__________________
(١) في المصدر : كثير.