الحياة كلها وعطلها ، وفي نفس الوقت ينكر تعالى هذا الظلم على فاعليه وسواء كانوا قريشا بصدهم النبي وأصحابه عن المسجد الحرام ، أو فلطيوس ملك الروم الذى خرّب المسجد الأقصى (١) أو غيرهم ممن فعلوا هذا الفعل أو من سيفعلونه مستقبلا ، ولذا ضمن تعالى قوله ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ، أمر المسلمين بجهاد الكافرين وقتالهم حتى يسلموا أو تكسر شوكتهم فيذلوا ويهونوا.
وفي الآية الثانية (١١٥) يخبر تعالى رادا على اليهود الذين انتقدوا أمر تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، مؤذنا بجواز صلاة من جهل القبلة أو خفيت عليه إلى أي جهة كانت فأخبر تعالى أن له المشرق والمغرب (٢) خلقا وملكا وتصرفا ، يوجه عباده إلى الوجهة التي يشاؤها شرقا أو غربا جنوبا أو شمالا ، فلا اعتراض عليه ولا إنكار وأنّ الله تعالى محيط بالكائنات فحيثما توجه العبد في صلاته فهو متوجه إلى الله تعالى ، إلا أنه تعالى أمر بالتوجه في الصلاة إلى الكعبة فمن عرف جهتها لا يجوز له أن يتجه إلا إليها.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ عظم جريمة من يتعرض للمساجد بأي أذى (٣) أو إفساد.
٢ ـ وجوب حماية المساجد من دخول الكافرين إلا أن يدخلوها بإذن المسلمين وهم أذلاء صاغرون.
٣ ـ صحة صلاة (٤) النافلة على المركوب في السفر إلى القبلة وإلى غيرها.
٤ ـ وجوب استقبال القبلة إلا عند العجز (٥) فيسقط هذا الواجب.
٥ ـ العلم بإحاطة الله تعالى بالعوالم كلها قدرة وعلما فلا يخفى عليه من أمر العوالم شيء ولا يعجزه آخر.
__________________
(١) وقد خرّب بيت المقدس أيضا بختنصر اليهودي البابلي قبل النصارى.
(٢) بناء على كروية الأرض فإن الأرض كلها مشرق ومغرب إذ كل مكان تشرق فيه هو مكان تغرب فيه.
(٣) من عظم ذنب من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه أخذ المالكية أن المرأة الصرورة التي لم تحج الفرض لا تمنع من الحج وإن لم يكن معها محرم ، وعدّوا منعها من أداء الفريضة من الصدّ عن المسجد الحرام.
(٤) إذ صحّ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يصلي النافلة على راحلته حيثما اتجهت به القبلة وإلى غيرها.
(٥) للعجز صور منها : أن يكون مريضا لا يقدر على التحول ، ومنها أن يكون خائفا ومنها أن يكون مقاتلا أو هاربا ومنها أن يكون جاهلا بها فطلبها ولم يعرف فصلى حيث ترجح القبلة وإن لم يصبها.