معنى الآيتين :
يعظ الرحمن عزوجل اليهود فيناديهم (١) بأشرف ألقابهم ويأمرهم بذكر نعمه تعالى عليهم وهي كثيرة ، ويأمرهم أن يذكروا تفضيله تعالى لهم على عالمي زمانهم والمراد من ذكر النعم شكرها فهو تعالى في الحقيقة يأمرهم بشكر نعمه وذلك بالإيمان به وبرسوله والدخول في دينه الحق (الإسلام).
كما يأمرهم باتقاء عذاب يوم القيامة حيث لا تغني نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها فداء ولا تنفعها شفاعة وهذه هي نفس الكافر والمشرك حيث لا شفاعة تنال الكافر أو المشرك ، ولا يوجد لهم ناصر ينصرهم فيدفع عنهم العذاب إذ اتقاء عذاب يوم القيامة يكون بالإيمان بالله ورسوله والعمل الصالح ، بعد التخلي عن الكفر والمعاصي.
هداية الآيتين :
١ ـ وجوب ذكر نعم الله على العبد ليجد بذلك دافعا نفسيا لشكرها ، إذ غاية الذكر هي الشكر.
٢ ـ وجوب اتقاء عذاب يوم القيامة بالإيمان وصالح الأعمال بعد التخلي عن الشرك والعصيان.
٣ ـ استحالة الفداء يوم القيامة ، وتعذر وجود شافع يشفع لمن مات على الشرك لا بإخراجه من النار ، ولا بتخفيف العذاب عنه.
(وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ (٢) رَبُّهُ (٣) بِكَلِماتٍ (٤)
__________________
(١) بهذا النداء ختم الحجاج مع اليهود في هذه السورة ، فلم يجر لهم ذكر بعد فكان من براعة المقطع. ذكر هذا صاحب التحرير والتنوير ، وليس صحيحا بل الصحيح أن ختم الحجاج مع اليهود انتهى عند قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) الآية (١٥٠).
(٢) أبرهم بالسريانية والعبرية أيضا معناه أب رحيم ، ولرحمته جعله الله تعالى كافلا لأطفال المؤمنين في الجنة إلى يوم القيامة إن صحّ الحديث بذلك.
(٣) ذكر الربوبية هنا تشريف لابراهيم عليهالسلام وإيذان بأن ابتلاءه كان تربية له واعدادا له لأمر خطير.
(٤) الكلمات : جمع كلمة ، وهي اللفظ المفرد وتطلق على الكلام أيضا والمراد بها هنا كلمات تحمل الأوامر التكليفية ومن أبرزها ما يلي : كسر الأصنام ، والهجرة ، وذبح اسماعيل ، وبناء البيت العتيق ، والختان ، والصلاة ، والزكاة ، وخصال الفطرة ، والصدق ، والصبر ، وبالجملة فقد نهض ابراهيم بكل ما عهد إليه ربّه بالقيام به من الشرائع فلذا أكرمه بالإمامة وشرّفه بها.