فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي (١) قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤))
شرح الكلمات :
(ابْتَلى) : اختبره بتكليفه بأمور شاقة عليه.
(بِكَلِماتٍ) : متضمنة أوامر ونواهي.
(فَأَتَمَّهُنَ) : قام بهن وأداهن على أكمل الوجوه وأتمها.
(إِماماً) : قدوة صالحة يقتدى به في الخير والكمال.
(الظَّالِمِينَ) : الكافرين والمشركين والفاسقين المعتدين على الناس.
معنى الآية الكريمة :
بعد ذلك الحجاج الطويل الذي عاشه رسول الله مع طائفتي أهل الكتاب من اليهود والنصارى وكذا المشركين في الآيات السابقة لهذه الآية أمر تعالى رسوله أن يذكر ابتلاءه تعالى لنبيه وخليله إبراهيم عليهالسلام بما كّلفه به من أوامر ونواهي فقام بها خير قيام فأنعم عليه بأكبر إنعام وهو أنه جعله إماما للناس ، ومن أبرز تلك التكاليف وقوفه في وجه الوثنيين ، وتحطيم أوثانهم ، والهجرة من ديارهم والهم بذبح ولده إسماعيل قربانا لله ، وبناء البيت ، وحجه والدعوة إليه مما استحق به الإمامة للناس كافة وفي هذا تبكيت للفرق الثلاثة العرب المشركين واليهود والنصارى إذ كلهم يدعي انتماءه لإبراهيم والعيش على ملته فها هو ذا إبراهيم موحد وهم مشركون ، عادل وهم ظالمون ، متّبع للوحي الإلهي وهم به كافرون ولصاحبه مكذبون وفي الآية بيان رغبة إبراهيم في أن تكون الإمامة في ذريته وهي رغبة صالحة فجعلها الله تعالى في ذريته (٢) كما رغب واستثنى تعالى الظالمين فإنهم لا يستحقونها فهي لا تكون إلا في أهل الخير والعدل والرحمة لا تكون في الجبابرة القساة ولا الظالمين العتاة.
__________________
(١) الذرية : مأخوذ من ذرأ الله الخلق ذرءا أي : خلقهم والجمع ذراري.
(٢) قال تعالى : (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ). الآية من سورة العنكبوت.