(إِلَّا مَنْ سَفِهَ (١) نَفْسَهُ) : لا يرغب عن ملة إبراهيم التي هي دين الإسلام إلا عبد جهل قدر نفسه فأذلها وأهانها بترك سبيل عزها وكمالها وإسعادها وهي الإسلام.
(اصْطَفَيْناهُ) : اخترناه لرسالتنا والبلاغ عنا ، ومن ثم رفعنا شأنه وأعلينا مقامه.
(أَسْلِمْ) : انقد لأمرنا ونهينا فاعبدنا وحدنا ولا تلتفت إلى غيرنا.
(اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ) : اختار لكم الدين الإسلامي ورضيه لكم فلا تموتنّ (٢) إلا وأنتم مسلمون.
(يَعْقُوبَ) : هو اسرائيل بن اسحق بن إبراهيم وبنوه هم يوسف وإخوته.
أمة خلت : جماعة أمرها واحد. (خَلَتْ) : مضت إلى الدار الآخرة.
(لَها ما كَسَبَتْ) : أجر ما كسبته من الخير.
(وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) : من خير (٣) أو غيره.
معنى الآيات :
لما ذكر تعالى في الآيات السابقة مواقف إبراهيم السليمة الصحيحة عقيدة وإخلاصا وعملا صالحا وصدقا ووفاء فوضح بذلك ما كان عليه إبراهيم من الدين الصحيح قال تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ) تلك الملة الحنيفية الواضحة السهلة. اللهم لا أحد يرغب عنها إلا عبد جهل قدر نفسه ، ولم يعرف لها حقها في الطهارة والصفاء والإكمال والإسعاد وضمن هذا الخبر ذكر تعالى إنعامه على إبراهيم وما تفضل به عليه من الإصطفاء في الدنيا والإسعاد في الآخرة في جملة الصالحين.
وفي الآية الثانية (١٣١) يذكر تعالى أن ذاك إلا اصطفاء تم لإبراهيم عند استجابته لأمر ربه بالإسلام حيث أسلم ولم يتردد. وفي الآية الثالثة (١٣٢) يذكر تعالى إقامة الحجة على
__________________
(١) سفه نفسه : استخفّ بقدرها جهلا به. ولذا نصب نفسه لتضمّن سفه معنى جهل.
(٢) في قوله : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) إيجاز بليغ إذ معناه إلزموا الإسلام ودوموا عليه ولا تفارقوه حتى تموتوا. وجملة (وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) في محل نصب على الحال ، والمعنى مطيعون خاضعون.
(٣) فيه معنى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ومعنى (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها).