شرح الكلمات :
(يَكْتُمُونَ) : يجحدون ويخفون.
(ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ) : الكتاب التوراة وما أنزل الله فيه صفة النبي محمد صلىاللهعليهوسلم والأمر بالإيمان به.
(لا يُكَلِّمُهُمُ (١) اللهُ) : لسخطه عليهم ولعنه لهم.
(وَلا يُزَكِّيهِمْ) : لا يطهرهم من ذنوبهم لعدم رضاه عنهم.
(الضَّلالَةَ) : العماية المانعة من الهداية إلى المطلوب.
الشقاق : التنازع والعداء حتى يكون صاحبه في شق ومنازعه في آخر
(بَعِيدٍ) : يصعب انهاؤه والوفاق بعده.
معنى الآيات :
هذه الآيات الثلاث نزلت قطعا في أحبار (٢) أهل الكتاب تندد بصنيعهم وتريهم جزاء كتمانهم الحق وبيعهم العلم الذي أخذ عليهم أن يبينوه بعرض خسيس (٣) من الدنيا يجحدون أمر النبي صلىاللهعليهوسلم ودينه إرضاء للعوام حتى لا يقطعوا هداياهم ومساعدتهم المالية ، وحتى يبقى لهم السلطان الروحي عليهم فهذا معنى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) وأخبر تعالى أن ما يأكلونه من رشوة في بطونهم إنما هو النار إذ هو مسببها ومع النار غضب الجبار فلا يكلمهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
كما أخبر تعالى عنهم في الآية (١٧٥) أنهم وهم البعداء اشتروا الضلالة بالهدى أي الكفر بالايمان ، والعذاب بالمغفرة أي النار بالجنة ، فما أجرأ هؤلاء على معاصي الله ، وعلى التقحم في النار فلذا قال تعالى فما أصبرهم (٤) على النار. وكل هذا الذي تم مما توعد الله به هؤلاء
__________________
(١) لا يكلمهم كلام تشريف وتكريم كما يكلّم أولياءه الصالحين. أمّا ما كان من كلام إهانة وتحقير نحو : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) فلا يدخل في هذا النفي. والله أعلم.
(٢) روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآية نزلت في أحبار اليهود ، كانوا يصيبون من سفلتهم هدايا ، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم ، فلما بعث من غيرهم غيّروا صفته وقالوا : هذا نعت النبي الذي يخرج آخر الزمان حتى لا يتبعوا محمدا صلىاللهعليهوسلم.
(٣) هو الرشوة التي يأخذها القاضي والمفتي والعياذ بالله.
(٤) هذا تعجيب للمؤمنين من حالهم.