(الْحُرُّ) : الحر خلاف العبد (١) والعبد هو الرقيق المملوك.
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) : فمن تنازل له ولي الدم عن القود إلى الدية أو العفو.
فاتباع بمعروف : فالواجب أن تكون مطالبة الدية بالمعروف بالرفق واللين.
(وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) : وأن يكون أداء الدية بإحسان خاليا من المماطلة والنقص.
(ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ) : أي ذلك الحكم العادل الرحيم وهو جواز أخذ الدية بدلا من القصاص تخفيف عنكم من ربكم إذ كان في شرع من قبلكم القصاص فقط أو الدية فقط ، وأنتم مخيرون بين العفو والدية والقصاص.
(فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) : يريد من أخذ الدية ثم قتل فإنه يتعين قتله (٢) لا غير.
(الْقِصاصِ) : المساواة في القتل والجراحات وفي آلة القتل أيضا.
(حَياةٌ) : إبقاء شامل عميم ، إذ من يريد أن يقتل يذكر أنه سيقتل فيترك القتل فيحيا ، ويحيا من أراد قتله ، ويحيا بحياتهما خلق كثير ، وعدد كبير.
(أُولِي الْأَلْبابِ) : أصحاب العقول الراجحة ، واحد الألباب : لبّ وهو في الانسان العقل.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) : ليعدكم بهذا التشريع الحكيم لاتقاء ما يضر ولا يسر في الدنيا والآخرة.
معنى الآية الكريمة :
هذه الآية نزلت في حيين من العرب كان أحد الحيين يرى أنه أشرف من الآخر فلذا يقتل الحر بالعبد ، والرجل بالمرأة تطاولا وكبرياء فحدث بين الحيين قتل وهم في الاسلام فشكوا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآية تبطل ذحل (٣) الجاهلية وتقرر مبدأ العدل
__________________
(١) ذهب أبو حنيفة إلى أن الحر يقتل بالعبد مخالفا للجمهور لعموم آية المائدة : (النفس بالنفس).
(٢) اختلف فيمن قتل بعد أخذ الدية فقال مالك والشافعي وكثير من العلماء هو كمن قتل ابتداء إن شاء الوليّ قتله وإن شاء عفا عنه وعذابه في الآخرة ، وقال آخرون عذابه أن يقتل ولا يمكن الحاكم الولي من العفو. وقال عمر بن عبد العزيز أمره إلى الإمام.
(٣) ذحل الجاهلية : ثأر الجاهلية وعاداتها قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن من أعتى الناس على الله يوم القيامة ثلاثة ، رجل قتل غير فاتله ، ورجل قتل في الحرم ، ورجل أخذ بذحول الجاهلية».