والمساواة (١) في الاسلام فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى (٢) بِالْأُنْثى) ، فلا يقتل بالرجل رجلان ، ولا بالمرأة رجل ولا امرأتان ولا بالعبد حر ولا عبدان.
فمن تنازل له أخوه (٣) وهو ولي الدم عن القصاص إلى الدية أو العفو مطلقا فليتبع ذلك ولا يقل لا أقبل إلا القصاص بل عليه أن يقبل ما عفا عنه أخوه له من قصاص أو دية أو عفو ، وليطلب ولي الدم الدية بالرفق والأدب ، وليؤد القاتل الدية بإحسان بحيث لا يماطل ولا ينقص منها شيئا.
ثم ذكر تعالى منّته على المسلمين حيث وسع عليهم في هذه المسألة فجعل ولي الدم مخيرا بين ثلاثة العفو أو الدية أو القود (القصاص) في حين أن اليهود كان مفروضا عليهم القصاص فقط ، والنصارى الدية فقط وأخبر تعالى بحكم أخير في هذه القضية وهو أن من أخذ الدية وعفا عن القتل ثم تراجع وقتل فقال : (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ). واختلف في هذا العذاب الأليم هل هو عذاب الدنيا بالقتل ، أو هو عذاب الآخرة ، ومن هنا قال مالك والشافعي حكم هذا المعتدي كحكم القاتل ابتداء إن عفي عنه قبل ، وإن طولب بالقود أو الدية أعطى ، وقال آخرون ترد منه الدية ويترك لأمر الله ، وقال عمر بن عبد العزيز رحمهالله يرد أمره إلى الإمام يحكم فيه بما يحقق المصلحة العامة ثم أخبر تعالى : أن في القصاص الذي شرع لنا وكتبه علينا مع التخفيف حياة عظيمة لما فيه من الكف عن إزهاق الأرواح وسفك الدماء فقال تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
هداية الآية الكريمة
من هداية الآية الكريمة :
١ ـ حكم القصاص في الإسلام وهو المساواة والمماثلة فيقتل (٤) الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة
__________________
(١) الجمهور على أن الجماعة تقتل بالواحد ، وذلك إذا باشروا القتل فقتلوا لقول عمر رضي الله عنه في قتل غلام قتله سبعة فقتلهم وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم ولم يخالفه أحد فكان إجماعا.
(٢) ذهب بعض إلى أن الرجل لا يقتل بالمرأة وحالفهم الجمهور لآية المائدة : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الآية.
(٣) أخوه : أي في الإسلام إذ لا يقتل المسلم بالذمي لقول الرسول صلىاللهعليهوسلم : «لا يقتل مسلم بكافر» وهو مذهب الجمهور وذلك لعدم تكافؤ الدمين.
(٤) اختلف في هل يقتل الرجل بولده فذهب الجمهور إلى عدم قتله به وذهب مالك إلى أنه إذا أضجعه وقتله يقتل به وإذا رماه بحجر أو بعصا أو بأي سبب فيه شبهة أنه لم يرد قتله فلا يقتل به لحديث «إدرأوا الحدود بالشبهات».