(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ (١) قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ (٢) مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥))
شرح الكلمات :
(الشَّهْرُ الْحَرامُ) : الشهر المحرم القتال فيه والاشهر الحرم أربعة ثلاثة سرد وواحد فرد فالثلاثة هي القعدة والحجة ومحرم والرابع الفرد رجب.
(الْحُرُماتُ) : جمع حرمة كالشهر الحرام ، والبلد الحرام ، والإحرام.
(أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) : المتقون هم المؤمنون الذين يتقون معاصي الله تعالى ومخالفة سننه في الحياة وكونه تعالى معهم : يسددهم ويعينهم وينصرهم.
(التَّهْلُكَةِ) : الهلكة والهلاك مثلها.
الاحسان : اتقان الطاعة وتخليصها من شوائب الشرك ، وفعل الخير (٣) أيضا.
معنى الآيتين :
الآية الأولى (١٩٤) في سياق ما قبلها تشجع المؤمنين المعتدى عليهم على قتال أعدائهم وتعلمهم أن من قاتلهم في الشهر الحرام فليقاتلوه في الشهر الحرام ، ومن قاتلهم في الحرم فليقاتلوه في الحرم ، ومن قاتلهم وهم محرمون فليقاتلوه وهو محرم ، وهكذا الحرمات قصاص
__________________
(١) الحرمات جمع حرمة كظلمات جمع ظلمة ، والحرمة ما منع العبد من انتهاكه والقصاص بمعنى المساواة هذه الآية لا خلاف بين العلماء في أنها أصل المماثلة في القصاص ، فمن جرح جرح بمثل ما جرح ومن قتل يقتل بمثل ما قتل به ، اللهم إلّا من قتل بزنى أو لواط فهذا قطعا لا مماثلة فيه ولكن يقتل بالسيف.
(٢) لهذه الآية نظيرها وهو قوله تعالى : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) وقوله (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) وهي بالنسبة إلى الأمة قد نسخت بآيات الجهاد ، أمّا بالنسبة للأفراد فالجمهور على أن الفرد لا يعاقب بنفسه ولكن بواسطة الحاكم ، ولكن يرى بعضهم كالإمام الشافعي : أنّ الفرد إذا لم يتوصّل إلى أخذ حقه إلّا بالمعاقبة فلينظر إذا كان يمكنه أن يأخذ بقدر ما أخذ منه مساواة بلا زيادة فلا بأس أن يأخذ بشرط أن يأمن من نسبته إلى السرقة حتى لا يتعرض إلى إقامة الحدّ عليه.
(٣) فعل الخير يشمل مواساة الفقراء والمساكين وصلة ذوي الأرحام كما يشمل عدم الإساءة إلى المسيء بالعفو والصفح عنه فهو باب واسع.