بينهم ومساواة. ومن اعتدى عليهم فليعتدوا عليه بمثل اعتدائه عليهم ، وأمرهم بتقواه عزوجل وأعلمهم أنه معهم ما اتقوه بالتسديد والعون والنصر.
وأما الآية (١) (١٩٥) فقد أمرهم بإنفاق المال للجهاد لإعداد العدة وتسيير السرايا والمقاتلين ونهاهم أن يتركوا الإنفاق في سبيل الله الذي هو الجهاد فإنهم متى تركوا الإنفاق والجهاد كانوا كمن ألقى بيده في الهلاك ، وذلك أن العدو المتربص بهم إذا رآهم قعدوا عن الجهاد غزاهم وقاتلهم وانتصر عليهم فهلكوا. كما أمرهم بالإحسان في أعمالهم كافة وإحسان الأعمال إتقانها وتجويدها ، وتنقيتها من الخلل والفساد ، وواعدهم إن هم أحسنوا أعمالهم بتأييدهم ونصرهم فقال تعالى : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ومن أحبه الله أكرمه ونصره وما أهانه ولا خذله.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ احترام الشهر الحرام وسائر الحرمات.
٢ ـ جواز المقاصة والمجازاة لمن اعتدى بحيث يعامل بما عامل به سواء بسواء.
٣ ـ رد الإعتداء والنيل من المعتدي الظالم البادي (٢) بالظلم والإعتداء.
٤ ـ معيّة الله تعالى لأهل الإيمان والتقوى والإحسان.
٥ ـ فضيلة الإحسان لحب الله تعالى للمحسنين.
(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ (٣) وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ
__________________
(١) روي أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : هذه الآية نزلت فينا معاشر الأنصار ، وذلك أنّه لما نصر الله رسوله وأظهر دينه قلنا : هلمّ نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله عزوجل : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية والإلقاء باليد في التهلكة أن نقيم في أموالنا.
(٢) هذا ليس على بابه وإنّما هو في المعتدي الكافر أمّا المسلم فإنّ العفو عنه محمود ومطلوب أيضا قال تعالى : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وقال رسوله صلىاللهعليهوسلم : «أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك».
(٣) الآية دليل على مشروعية العمرّة وهي كذلك سنة واجبة ، أما الحج فقد فرض بالكتاب في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ، وبالسنة في حديث ابن عمر : «بني الإسلام على خمس إذ فيه (حج البيت)» والإجماع أيضا.