منكم لأنه تعالى غالب على أمره حكيم في تدبيره وإنجاز وعده ووعيده وأما الآية الثالثة (٢١٠) فقد تضمنت حث المتباطئين على الدخول في الإسلام إذ لا عذر لهم في ذلك حيث قامت الحجة وظهرت ولاحت المحجة فقال تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ) أي ما ينظرون (١) (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) وعند ذلك يؤمنون ومثل هذا الإيمان الاضطراري لا ينفع حيث يكون العذاب لزاما. بقضاء الله العادل ، قال تعالى (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) أي إذا جاء الله تعالى لفصل القضاء وانتهى الأمر إليه فحكم وانتهى كل شيء فعلى أولئك المتباطئين المترددين في الدخول في الإسلام المعبر عنه بالسّلم لأن الدخول فيه حقا سلم ، والخروج منه أو عدم الدخول فيه حقا حرب عليهم أن يدخلوا في الإسلام ألا إلى الإسلام يا عباد الله! فإن السلم خير من الحرب!
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ وجوب (٢) قبول شرائع الإسلام كافة وحرمة التخير فيها.
٢ ـ ما من مستحل حراما ، أو تارك واجبا إلا وهو متبع للشيطان في ذلك.
٣ ـ وجوب توقع العقوبة عند ظهور المعاصي العظام لئلا يكون أمن من مكر (٣) الله.
٤ ـ إثبات صفة المجىء للرب تعالى : لفصل القضاء يوم القيامة.
٥ ـ حرمة التسويف والمماطلة في التوبة.
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢))
__________________
(١) الكلام صالح لأن يعود إلى من يعجب قوله ويقبح عمله في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ ...) الآية وصالح لأن يعود إلى المترددين من أهل الكتاب بعدم خلوصهم في الإسلام كله ، وصالح لأن يكون عائدا إلى كل متردد في الإسلام غير صادق في الدخول فيه إلى يوم القيامة وهذا من إعجاز القرآن وكونه كتاب هداية للناس كافة وفي كل زمان ومكان.
(٢) شاهده قوله تعالى : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) الآية.
(٣) إذ حصول الأمن لازمه الاستمرار على المعاصي وعدم التوبة والله يقول : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).