(فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) : أي جامعوهن في قبلهن ، وهن طاهرات متطهرات (١).
(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) : يريد مكان إنجاب الأولاد فشبه النساء بالحرث لأن الأرض إذا حرثت أنبتت الزرع ، والمرأة إذا وطئت أنبتت الولد بإذن الله تعالى.
(فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) : إذن بجماع لمرأة مقبلة أو مدبرة إذا كان ذلك في القبل الذي هو منبت الزرع ، وهي طاهرة من الحيض والنفاس.
(وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) : يريد الأعمال الصالحة ومنها إرادة تحصين النفس والزوجة بالجماع وإرادة انجاب الأولاد الصالحين الذين يوحدون الله ويدعون لوالديهم طوال حياتهم.
معنى الآيتين :
يخبر تعالى رسوله بأن بعض المؤمنين سألوه (٢) عن المحيض هل تساكن المرأة معه وتؤاكل وتشارب أو تهجر بالكلية حتى تطهر إذ كان هذا من عادة أهل الجاهلية ، وأمره أن يقول لهم الحيض أذى يضر بالرجل المواقع فيه ، وعليه فليعتزلوا النساء الحيض في الجماع فقط لا في المعاشرة والمآكلة والمشاربة ، وإنما في الجماع فقط أيام سيلان الدم بل لا بأس بمباشرة الحائض في غير ما بين السرة والركبة للحديث الصحيح في هذا كما أكد هذا المنع بقوله لهم : ولا تقربوهن (٣) أي لا تجامعوهن حتى يطهرن بإنقطاع دمهن والاغتسال بعده لقوله فإذا تطهرن أي اغتسلن فأتوهن من حيث أمركم الله باتيانهن وهو القبل لا الدبر فإنه محرم وأعلمهم تعالى أنه يحب التوابين من الذنوب المتطهرين من النجاسات والأقذار فليتوبوا وليتطهروا ليفوزوا بحب مولاهم عزوجل هذا معنى الآية الأولى : (٢٢٢) أما الأية الثانية (٢٢٣) وهي قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) فهي تضمنت جواب سؤال وهو هل يجوز جماع المرأة مدبرة بأن يأتيها الرجل من ورائها إذ حصل هذا السؤال من بعضهم فعلا فأخبر تعالى
__________________
(١) هل الزوجة الكتابية يجبرها زوجها أن تغتسل من الحيض والنفاس؟ أرى أن يأمرها مرغّبا لها في ذلك وليس عليه إجبارها لأنّه لا إكراه في الدين. وهي غير متعبدة به.
(٢) روى مسلم عن أنس رضي الله عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ، ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم النبي صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) الآية.
(٣) إذا قيل لا تقرّب بفتح الراء معناه لا تتلبّس بالشيء ، وإن قيل : لا تقرب بضم الراء فمعناه : لا تدن ولذا جاز للزوج أن يقرب من زوجته الحائض أو النفساء ويباشرها في غير الفرج.