(وَلا مَوْلُودٌ لَهُ) : أي ولا يضار (١) الوالد كذلك بأن يجبر على ارضاع الولد من أمه المطلقة أو يطالب بأجرة لا يطيقها.
(وَعَلَى الْوارِثِ) : الوارث هو الرضيع (٢) نفسه إن كان له مال وإلا فعلى من يكفله من عصبته.
(فِصالاً) : فطاما للولد قبل نهاية العامين.
معنى الآية الكريمة :
بمناسبة بيان أحكام الطلاق وقد تطلق المرأة أحيانا وهي حامل ذكر تعالى أحكام الرضاع وقال تعالى : (وَالْوالِداتُ (٣) يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) أي على الأم المطلقة أن ترضع ولدها حولين كاملين إن أرادت هي وأب الرضيع إتمام الرضاعة ، وأن على المولود له وهو الأب ان كان موجودا نفقة المرضعة طعاما وشرابا وكسوة بالمعروف بحسب حال الوالد من الغنى والفقر ، إذ لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها من قدرة.
ثم نبّه تعالى على أنه لا يجوز أن تؤذى الوالدة بسبب ولدها بأن تمنع من إرضاع ولدها أو تكره على ارضاعه وهي لا تريد ذلك ، أو تحرم النفقة مقابل الإرضاع أو يضيق عليها فيها كما لا يجوز أن يضار أي يؤذى المولود له وهو الأب : بأن يجبر على إرضاع ولده من أمه وقد طلقها ولا أن يطالب بنفقة باهظة لا يقدر عليها. وعلى الوارث وهو الرضيع نفسه إن كان له مال. فإن لم يكن له مال فعلى عصبته الذكور الأقرب فالأقرب أى عليهم أجرة الإرضاع فإن لم يكن للولد مال وليس له عصبة وجب على الأم أن ترضعه مجانا لأنها أقرب الناس إليه ثم ذكر تعالى رخصتين في الارضاع الأولى إن أراد الأبوان فطام الولد قبل عامين فإن لهما ذلك بعد التشاور في ذلك وتقدير مصلحة الولد من هذا الفطام المبكر. فقال تعالى : (وَإِنْ
__________________
(١) وفي الحديث الصحيح : «لا ضرر ولا ضرار» ومن هنا رؤي في الحضانة جانب الولد فينظر فيمن يقدر على حفظه وتربيته ، ولما كانت الأم أرحم به وأحنى عليه أعطيته ما لم تتزوج وتشغل عنه فإن تزوجت فأمها وهي جدته وأما أم أبيه فخالته أحق به منها ، والعبرة بمن يكون أرحم وأحفظ بالولد.
(٢) الجمهور على أن المراد بالوارث ، ورثة الرضيع إذا هلك من نساء ورجال ذكره القرطبي في تفسيره وقال غيره إن الوارث هو الرضيع إذا مات والده وترك مالا. أجرة المرضع من ماله فإن كان لا مال له فمن مال ورثته هو ولا تضار هي في واجب نفقتها ولا الوالد أو وارثه في أدائها وما فسرنا به الآية واضح ومستقيم والحمد لله رب العالمين.
(٣) (وَالْوالِداتُ) مبتدأ وجملة يرضعن الخبر ، فالجملة خبرية ومعناها الإنشاء إذ ما تضمنته الجملة هو إرشاد من الله تعالى للمؤمنين في طريقة إرضاع أولادهم.