محدة فيها فلا جناح على ذوي زوجها المتوفى ولا على ذويها هي فيما تفعل بنفسها من ترك الإحداد (١) والتعرض للخطاب للتزوج هذا معنى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي بما هو مباح لهن ووعظهم في ختام الآية بقوله (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فاحذروه فلا تعملون إلا ما أذن فيه لكم.
أما الآية الثانية (٢٣٥) فقد تضمنت تحريم خطبة المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة فلا يحل خطبتها لما في ذلك من الضرر؟ إذ قد تحمل هذه الخطبة من رجل مرغوب فيه لماله أو دينه أو نسبه أن تدعى المرأة انقضاء عدتها وهي لم تنقض ، وقد تفوت على زوجها المطلق لها فرصة المراجعة وهذا كله ضرر محرم. كما تضمنت الآية في صدرها رفع الحرج أى الإثم في التعريض بالخطبة دون اللفظ الصريح المحرم فقال تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أيها المسلمون فيما عرضتم من خطبة النساء المعتدات نحو قوله : إني راغب في الزواج ، أو إذا انقضت عدتك تشاورنيني إن أردت الزواج. كما تضمنت الكشف عن نفسية الرجل إذ قال تعالى : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَ) مبدين رغبتكم في الزواج منهن فرخص لكم في التعريض دون التصريح ، ولكن لا تواعدوهن سرا هذ اللفظ هو الدال على تحريم خطبة المعتدة من وفاة أو من طلاق بائن ، أما الطلاق الرجعي فلا يصح الخطبة فيه تعريضا ولا تصريحا لأنها في حكم الزوجة ، وقوله إلا أن تقولوا قولا معروفا هو الإذن بالتعريض.
كما تضمنت هذه الآية حرمة عقد النكاح على المعتدة حتى تنتهي عدتها إذ قال تعالى : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ (٢) النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) ، والمراد من الكتاب المدة التي كتب الله على المعتدة أن تتربص فيها. وختمت الآية بوعظ الله تعالى المؤمنين حيث أمرهم أن يعلموا أن الله يعلم ما في أنفسهم ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم وتصرفاتهم فليحذروه غاية الحذر فلا يخالفوه في أمره ولا في نهيه. كما أعلمهم أنه تعالى غفور لمن تاب منهم بعد الذنب حليم عليهم لا يعاجلهم بالعقوبة ليتمكنوا من التوبة.
__________________
(١) الإحداد واجب على المتوفى عنها زوجها فقط لحديث الصحيح : «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميّت فوق ثلاث ليال إلّا على زوج أربعة أشهر وعشرا» والإحداد هو ترك أنواع الزينة حتى الكحل والخضاب وعليها لزوم البيت ليلا وعدم التعرض للخطاب.
(٢) أى لا تعقدوا على المعتدة حتى تنقضي عدتها يقال عزم كذا وعزم على كذا بمعنى واحد.