(الْإِنْجِيلَ) (١) : كتاب عيسى عليهالسلام ومعناه باليونانية : التعليم الجديد. (٢)
(الْفُرْقانَ) (٣) : ما فرق الله به بين الحق والباطل من الحجج القرآنية والمعجزات الإلهية والعقول النيّرة البشرية التي لم يغلب عليها التقليد والجمود والهوى.
(يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ) : التصوير إيجاد الصورة للشيء لم تكن له من قبل ، والأرحام جمع رحم : مستودع الجنين.
معنى الآيات :
أخرج ابن جرير الطبري بأسانيد صحيحة أن وفد (٤) نجران والمكون من ستين راكبا فيهم أشرافهم وأهل الحلّ والعقد منهم ، وفدوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحاجّونه في أمر المسيح عليهالسلام ويريدون أن يثبتوا الهيّته بالادعاء الباطل فأنزل الله تعالى نيّفا وثمانين آية من فاتحة السورة آلم إلى ما يقارب الثمانين. وذلك ردا لباطلهم ، وإقامة للحجة عليهم ، وسيلاحظ هذا المتدبر للآيات ويراه واضحا جليّا في السياق القرآنى في هذه الآيات.
فقد قال تعالى (الم ، اللهُ لا (٥) إِلهَ إِلَّا هُوَ) فأخبر أنه تعالى لا معبود بحق إلا هو ، فأبطل عبادة المسيح عليهالسلام وعبادة كل معبود سوى الله تعالى من سائر المعبودات ، وقال الحيّ القيوم فذكر برهان استحقاقه للعبادة دون غيره وهو كونه تعالى حيّا أزلا وأبدا وكل حيّ غيره مسبوق بالعدم ويلحقه الفناء ، فلذا لا يستحق الألوهية إلا هو عزوجل والمسيح عليهالسلام مسبوق بالعدم ويلحقه الفناء فكيف يكون إلها؟ وقال تعالى القيوم أى القائم على كل الخلق بالتربية والرعاية والحفظ والتدبير والرزق ، وما عداه فليس له ذلك بل هو مربوب مرزوق فكيف يكون إلها مع الله؟ ودليل ذلك أنه نزل عليك الكتاب : القرآن بالحق مصحوبا به ليس فيه
__________________
(١) الانجيل قيل معناه الأصل إذ هو أصل العلوم والحكم وجمعه أناجيل وجمع التوراة : توار.
(٢) ويطلق الإنجيل على أربعة كتب : انجيل يوحنا ، ومرقس ، ولوقا ، وبرنابا.
(٣) وفسّر الفرقان بالقرآن وهو حق لقوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) وسمي فرقانا لأنه فرّق بين الحق والباطل.
(٤) كان مجيء هذا الوفد في السنة التاسعة من الهجرة التي هي عام الوفود ولذا كان آخر السورة متقدما في النزول عن أولها إذ آخرها كان في غزوة أحد ، وكانت في السنة الثالثة.
(٥) قوله : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) هذه الجملة مع جملة : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) قيل ان فيهما اسم الله الأعظم.