وختم تعالى الآية بقوله مرغبا في العمل للدار الآخرة داعيا عباده الى الزهد في المتاع الفانى لتتعلق قلوبهم بالنعيم الباقى فقال : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ، أي المرجع الحسن ، والنزل الكريم والجوار الطيب السعيد.
هداية الآية
من هداية الآية :
١ ـ يزين الله تعالى بمعنى يجعل الشىء زينا محبوبا للناس للابتلاء والاختبار قال تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١) ويزين الشيطان للاضلال والاغواء ، فالله يزين الزين ويقبح القبيح ، والشيطان يزين القبيح ، ويقبح الزين. فانظر الفرق وتأمل.
٢ ـ المزينات في هذه الآية من تزيين الله تعالى للابتلاء ، وكلها زينة في الواقع وليس فيها قبيح إلا إذا طلبت من غير حلّها وأخذت بشره ونهم فأفسدت أخلاق آخذها أو طغت عليه محبتها فأنسته لقاء الله وما عنده فهلك بها كاليهود والنصارى والمشركين.
٣ ـ كل ما في الدنيا مجرد متاع والمتاع دائما قليل وزائل فعلى العاقل ان ينظر اليه كما هو فلا يطلبه بما يحرمه حسن (٢) المآب عند الله. اللهم لا تحرمنا حسن مآبك يا الله يا رحمن يا رحيم.
(قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (١٥) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧))
__________________
(١) سورة الكهف (٧).
(٢) المآب : المرجع يقال : آب يؤوب أوبا ، ومآبا ، وإيابا إذا رجع ومنه قول امرىء القيس :
وقد طوفت في الآفاق حتى |
|
رضيت من الغنيمة بالإياب |
والمراد بالمآب : ما أعده الله تعالى لأوليائه من النعيم المقيم في دار السّلام.