(أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) : أخلصت كل أعمالي القلبية والبدنية لله وحده لا شريك له.
(وَمَنِ اتَّبَعَنِ) : كذلك اخلصوا لله كل أعمالهم له وحده لا شريك له.
(أُوتُوا الْكِتابَ) : اليهود والنصارى.
(الْأُمِّيِّينَ) : العرب المشركين سمّوا بالأميين لقلة من يقرأ ويكتب فيهم.
(أَأَسْلَمْتُمْ) : الهمزة الأولى للإستفهام والمراد به الأمر أي أسلموا خيرا لكم لظهور الحق وانبلاج نوره بينكم بواسطة كتاب الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
(فَإِنْ أَسْلَمُوا) : فإن أجابوك وأسلموا فقد اهتدوا إلى سبيل النجاة.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) : أدبروا عن الحق بعد رؤيته وأعرضوا عنه بعد معرفته فلا يضرك أمرهم إذ ما عليك الا البلاغ وقد بلّغت.
معنى الآيات :
يخبر الجبار عزوجل أنه (١) شهد أنه لا إله إلا هو وأن الملائكة وأولى العلم يشهدون كذلك شهادة علم وحق قامت على مبدأ الحضور الذاتى والفعلى وأنه تعالى قائم في الملكوت كله ، علويّه وسفليّه ، بالعدل ، فلا رب غيره ولا إله سواه ، العزيز في ملكه وخلقه الحكيم في تدبيره وتصريفه فلا يضع شيئا في غير موضعه اللائق به. فرد بهذه الشهادة على باطل نصارى نجران ، ومكر اليهود ، وشرك العرب ، وأبطل كلّ باطلهم سبحانه وتعالى ، ثم أخبر أيضا أن الدين الحق الذي لا يقبل تعالى دينا سواه ، هو الاسلام ، القائم على مبدأ الانقياد الكامل لله تعالى بالطاعة ، والخلوص التامّ من سائر أنواع الشرك فقال : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ) في حكمه وقضائه الإسلام ، وما عداه فلا يقبله (٢) ولا يرضاه. ثم أخبر تعالى عن حال نصارى نجران ، المجادلين لرسوله ، في شأن تأليه عيسى بالباطل فقال (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) يريد أن خلاف أهل الكتاب لم يكن عن جهل منهم بالحق ومعرفته (٣) ولكن كان عن علم حقيقى وإنما حملهم على الخلاف المسبب للفتن
__________________
(١) ورد أن من قال عند تلاوة هذه الآية : (شَهِدَ اللهُ) الخ وأنا أشهد بما شهد الله به واستودع الله هذه الشهادة وهي لي عند الله وديعة ـ يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول عزوجل : عبدي عهد إلّي وأنا أحق من وفّى بالعهد ، أدخلوا عبدي الجنة».
(٢) روى مسلم أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ومات ولم يؤمن بما أرسلت به إلّا كان من أهل النار».
(٣) يشهد لهذه الحقيقة ما رواه البخاري «إن غلاما يهوديا كان يضع للنبي صلىاللهعليهوسلم وضوءه ويناوله نعله فمرض فأتاه النبي صلىاللهعليهوسلم فدخل عليه وأبوه قائم عند رأسه فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم يا فلان قل لا إله إلّا الله فنظر إلى أبيه فسكت أبوه فأعاد عليه النبي صلىاللهعليهوسلم فنظر إلى أبيه فقال أبوه : أطع أبا القاسم فقال الغلام : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقول الحمد لله الذي أخرجه بي من النار».