ومراجعته هو اعتقادهم الفاسد بأن النار لا تمسهم إذا ألقوا فيها إلا مدة أربعين يوما وهي المدة التى عبد فيها أسلافهم العجل يوم غاب موسى عنهم لمناجاته ربه تعالى في جبل الطور. وهذه الدعوى باطلة لا أساس لها من الصحة بل يخلدون في النار لا بعبادة أسلافهم العجل أربعين يوما بل بكفرهم وظلمهم وجحودهم وعنادهم ، ويبين تعالى الحقيقة لرسوله والمؤمنين وهي أن هذه الدعوى اليهودية ما هى إلا فرية (١) افتراها علماؤهم ليهوّنوا عليهم ارتكاب الجرائم وغشيان عظائم الذنوب. كما حصل للمسلمين في القرون المظلمة من تاريخ الإسلام حيث أصبح مشايخ التصوف يدجّلون على المريدين بأنهم سيستغفرون لهم ويغفر لهم.
ثم قال تعالى مستعظما حالهم مهوّلا موقفهم : فكيف (٢) أي حالهم. إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه وهو يوم القيامة كيف تكون حالهم انها حال يعجز الوصف عنها ، (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) من خير أو شر وهم لا يظلمون بنقص حسناتهم إن كانت لهم حسنات ، ولا بالزيادة في سيئآتهم وما لهم إلا السّيئات.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ من الإعراض عن الدين والكفر به رفض التحاكم إليه قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). سورة النساء / ٦٥.
٢ ـ أفسد شيء للأديان بعقائدها وشرائعها وعباداتها الافتراء فيها والإبتداع عليها والقول فيها بغير علم.
٣ ـ مضرّة الإغترار بما يقوله بعض المفسرين والمحشين على الكتب الدينية من الحكايات والأباطيل بحجة الترغيب أو الترهيب فيغتر بها الناس فيضلوا ويهلكوا.
٤ ـ فضيلة ذكر أهوال يوم القيامة وما يلاقى فيها أهل الظلم والشر والفساد وفي القرآن (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) سورة ص / ٤٦.
__________________
(١) ومن جملة افتراءاتهم قولهم إنّ الله وعد يعقوب أن لا يعذب أبناءه.
(٢) هذا خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وأمته على جهة التوقيف والتعجب.