وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) وبيّن جزاء الفريقين فقال : فأما الذين اسودت وجوههم من سوء ما عاينوه من أهوال الموقف وما أيقنوا أنهم صائرون إليه من عذاب النار فيقال لهم تقريعا وتوبيخا : أكفرتم بعد إيمانكم؟ إذ هذه وجوه من تلك حالهم ، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون بالله وشرائعه.
وأما الذين ابيضت وجوههم فلم يطل في الهول موقفهم حتى يدخلوا جنة ربهم قال تعالى : (فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
وفي الآية (١٠٨) شرف الله تعالى نبيّه محمدا صلىاللهعليهوسلم بخطابه والوحي إليه فقال : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها (١) عَلَيْكَ بِالْحَقِ) أي هذه الآيات المتضمنة للهدى والخير نقرأها عليك بالحق الثابت الذي لا مرية فيه ، ولا شك يعتريه فبلغها عنا وادع بها إلينا فمن استجاب لك نجا ومن أعرض هلك ، وما الله يريد ظلما للعالمين. فلا يعذب إلا بعد الإعلام والإنذار.
وفي الآية الأخيرة (١٠٩) يخبر تعالى أنه له ملك السموات والأرض خلقا وتصرفا وتدبيرا ، وأن مصير الأمور إليه وسيجزى المحسن بالحسنى والمسيء بالسّوأى.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ وجوب وجود طائفة من أمة الإسلام تدعو الأمم والشعوب إلى الإسلام وتعرضه عليهم وتقاتلهم إن قاتلوها عليه ، ووجوب وجود هيآت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل مدن وقرى المسلمين.
٢ ـ حرمة الفرقة بين المسلمين والاختلاف في دين الله.
٣ ـ أهل البدع والأهواء يعرفون في عرصات القيامة باسوداد وجوههم.
٤ ـ أهل السنة والجماعة وهم الذين يعيشون عقيدة وعبادة على ما كان عليه رسول الله (٢) صلىاللهعليهوسلم وأصحابه يعرفون يوم العرض بابيضاض وجوههم.
__________________
(١) التلاوة ؛ كالقراءة إلا أن القراءة عادة تكون لكلام مكتوب وأما التلاوة فهي مجرد حكاية كلام لإرادة تبليغه بلفظه.
(٢) افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الملة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة في الجنة وقيل من هم يا رسول الله فقال هم الذين يكونون على ما أنا عليه وأصحابي.