ونفوض أمرنا إلى الله. الآية الثالثة (١٧٤) (فَانْقَلَبُوا) أي رجعوا من حمراء الأسد لأن أبا سفيان القى الله الرّعب في قلبه فانهزم وهرب ، رجعوا مع نبيهم سالمين في نعمة الإيمان والاسلام والنصر ، (وَفَضْلٍ) حيث أصابوا تجارة في طريق عودتهم (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) أى أذى ، (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) بالاستجابة لما دعاهم الله ورسوله وهو الخروج في سبيل الله لملاحقة أبي سفيان وجيشه. وقوله تعالى : (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) وما أفاضه على رسوله كاف في التدليل عليه الآية الرابعة (١٧٥) (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) (١) (فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، وذلك أن وفد عبد القيس آجره أبو سفيان بكذا حمل من زبيب إن هو خوف المؤمنين منه فبعثه كأنه (طابور) يخذل له المؤمنين إلا أن المؤمنين عرفوا أنها مكيدة وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فنزلت الآية : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ) الناطق على لسان النفر من عبد القيس يخوف المؤمنين من أوليائه أبى سفيان وجمعه ، فلا تخافوهم فنهاههم عن الخوف منهم وأمرهم أن يخافوه (٢) تعالى فلا يجبنوا ويخرجوا الى قتال أبى سفيان وكذلك فعلوا لأنهم المؤمنون بحق رضى الله عنهم أجمعين.
هداية الآيات
من هداية الآيات
١ ـ فضل الإحسان والتقوى وأنهما مفتاح كل خير.
٢ ـ فضل أصحاب رسول الله على غيرهم ، وكرامتهم على ربهم.
٣ ـ فضل كلمة «حسبنا الله ونعم الوكيل» (٣) قالها رسول الله وقالها ابراهيم من قبل فصلّى الله عليهما وسلم.
٤ ـ بيان أن الشيطان يخوف (٤) المؤمنين من أوليائه ، فعلى المؤمنين أن لا يخافوا غير ربهم تعالى فى الحياة ، فيطيعونه ويعبدونه ويتوكلون عليه ، وهو حسبهم ونعم الوكيل لهم.
__________________
(١) معنى يخوف أولياءه أنه يخوف المؤمنين بأوليائه وهم المشركون وذلك على لسان نعيم بن مسعود الذي آجره أبو سفيان ليخوف المؤمنين بعزم أبي سفيان على الكرّة عليهم لاستئصالهم وإبادتهم.
(٢) الخوف من الله تعالى أمر الله به وهو واجب على كل مؤمن وحقيقته : أن يترك العبد ما يخاف أن يعذب عليه وقيل ليس الخائف الذي يبكي ويمسح عينيه وإنما من يترك ما يخاف أن يعذّب به.
(٣) الوكيل : فعيل بمعنى مفعول أي : الموكول إليه الأمر.
(٤) الشيطان يكون من الجنّ ومن الإنس فإن كان من الجنّ فتخويفه يكون بواسطة الوساوس ، وإن كان من شياطين الإنس فتخويفه يكون بالكلام الشفوي الذي ظاهره النصح وباطنه الخداع والغشّ.