منهم توبة أبدا. هذا معنى الآيتين الكريمتين الأولى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) أى يقبل توبتهم لأنه عليم بضعف عباده حكيم يضع كل شىء في موضعه اللائق به ومن ذلك قبول توبة من عصوه بجهالة لا بعناد ومكابرة وتحد ، ثم تابوا من فريب لم يطيلوا (١) مدة المعاصى والثانية (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) ، كما هى ليست للذين يعيشون على الكفر فإذا جاء أحدهم الموت قال تبت كفرعون فإنه لما عاين الموت بالغرق قال آمنت انه لا إله الا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين فرد الله تعالى عليه : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). وقوله تعالى (أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) إشارة الى كل من مات على غير توبة بارتكابه كبائر الذنوب ، أو بكفر وشرك ، الا أن المؤمن الموحد يخرج من النار بإيمانه ، والكافر يخلد فيها. نعوذ بالله من النار وحال أهلها.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ عظم قبح فاحشة الزنى.
٢ ـ بيان حد الزنى قبل نسخه بآية سورة النور ، وحكم الرسول صلىاللهعليهوسلم في رجم المحصن والمحصنة.
٣ ـ التوبة التى تفضل الله بها هي ما كان صاحبها أتى ما أتى من الذنوب بجهالة لا بعلم وإصرار ثم تاب من قريب زمن.
٤ ـ الذين يسوفون التوبة ويؤخرونها يخشى عليهم أن لا يتوبوا حتى يدركهم الموت وهم على ذلك فيكونون من أهل النار ، وقد يتوب أحدهم ، لكن بندرة وقلة وتقبل توبته اذا لم يعاين امارات الموت لقول الرسول صلىاللهعليهوسلم «ان الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» رواه الترمذى وأحمد وغيرهما واسناده حسن.
٥ ـ لا تقبل توبة من حشرجت نفسه وظهرت عليه علامات الموت ، وكذا الكافر من باب أولى لا تقبل له توبة بالإيمان اذا عاين علامات الموت كما لم تقبل توبة فرعون.
__________________
(١) لأنّ سنة الله تعالى أنّ المرء إذا أدمن على معصية بطول فعلها يشربها قلبه فتحسن في نظره وتجمل في طبعه ، فلا يقوى على تركها ، وليس أدلّ على ذلك من فاحشة اللواط ، فهي من أقبح الفواحش ومع هذا من زينت له لا يقدر على تركها :