هذا ما تضمنته الآية الأولى (٢٩) أما الآية الثانية (٣٠) فقد تضمنت وعيدا شديدا بالإصلاء بالنار والإحراق فيها كل من يقتل مؤمنا عدوانا وظلما أي بالعمد (١) والإصرار والظلم المحض ، فقال تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي القتل (عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً ، وَكانَ ذلِكَ) أي الإصلاء والاحراق في النار (عَلَى اللهِ يَسِيراً) لكمال قدرته تعالى فالمتوعد بهذا العذاب إذا لا يستطيع أن يدفع ذلك عن نفسه بحال من الأحوال.
هداية الآيتين :
من هداية الآيتين :
١ ـ حرمة مال المسلم ، وكل مال حرام وسواء حازه بسرقة أو غش أو قمار أو ربا.
٢ ـ إباحة التجارة والترغيب (٢) فيها والرد على جهلة المتصوفة الذين يمنعون الكسب بحجة التوكل.
٣ ـ تقرير مبدأ «إنما البيع عن تراض ، والبيعان بالخيار ما لم يتفرقا».
٤ ـ حرمة قتل المسلم نفسه أو غيره من المسلمين لأنهم أمة واحدة.
٥ ـ الوعيد الشديد لقاتل النفس (٣) عدوانا وظلما بالإصلاء بالنار.
٦ ـ إن كان القتل غير عدوان بأن كان خطأ ، أو كان غير ظلم بأن كان عمدا ولكن بحق كقتل من قتل والده أو ابنه أو أخاه فلا يستوجب هذا الوعيد الشديد.
(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١))
شرح الكلمات :
(إِنْ تَجْتَنِبُوا) : تبتعدوا لأن الاجتناب ترك الشيء عن جنب بعيدا عنه لا يقبل عليه ولا يقربه.
__________________
(١) أي لم يكن سهوا منه ولا خطأ وهو معنى (عُدْواناً) ولا بحق كقصاص وهو معنى (ظُلْماً).
(٢) يكفي في الرد عليهم ثناء الرسول صلىاللهعليهوسلم على التاجر الأمين في قوله : «التاجر الصدوق الأمين المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة» إلّا أنّه يحرم على التاجر أن يروّج سلعته بالأيمان الكاذبة ، كما يكره له أن يصلي على النبي عند عرض سلعته كقوله : صلّى الله على محمد ما أجود هذا كما يكره له أن تشغله التجارة عن صلاة الجماعة.
(٣) ورد الوعيد الشديد في قاتل نفسه من ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : «من قتل نفسه بشيء عذّب به يوم القيامة» رواه الجماعة. وقوله صلىاللهعليهوسلم : «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلّدا فيها أبدا ، ومن قتل نفسه بسم ، فسمه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدا مخلدا أبدا ، ومن تردّى من جبل فقتل نفسه فهو مترد في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».