سوءا يؤذي به غيره أو يظلم نفسه بارتكاب ذنب من الذنوب ثم يتوب إلى الله تعالى باستغفاره والإنابة إليه يتب الله تعالى عليه ويقبل توبته وهو معنى قوله تعالى في الآية (١١٠) (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَ (١) يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) يغفر له ويرحمه.
قوله تعالى (مَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) أي ذنبا من الذنوب صغيرها وكبيرها (فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) إذ هي التي تتدسّى به وتؤاخذ بمقتضاه إن لم يغفر لها. ولا يؤاخذ به غيرها وكان الله عليما أي بذنوب عباده حكيما أي في مجازاتهم بذنوبهم فلا يؤاخذ نفسا بغير ما اكتسبت ويترك نفسا قد اكتسبت (١١٢) يخبر تعالى أن من يرتكب خطيئة ضد أحد ، أو يكسب إثما ويرمي به أحدا بريئا منه قد تحمل تبعة عظيمة قد تصليه نار جهنم وهو معنى قوله : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ (٢) بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً).
وفي الآية (١١٣) يواجه الله تعالى رسوله بالخطاب ممتنا عليه بما حباه به من الفضل والرحمة فيقول : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) ، والمراد بالطائفة التي ذكر الله تعالى هم بنو أبيرق أخوة طعمة وقوله (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) (٣) ، فهو كما قال عزوجل ضلالهم عائد عليهم أما الرسول فلن يضره ذلك وقوله تعالى : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ، وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) امتنان من الله تعالى على رسوله بأنه أنزل عليه القرآن أعظم الكتب وأهداها وعلمه الحكمة وهي ما كشف له من أسرار الكتاب الكريم ، وما أوحي إليه من العلوم والمعارف التي كلها نور وهدى مبين ، وعلمه من المعارف الربانية ما لم يكن يعلم قبل ذلك وبهذا كان فضله على رسوله عظيما فلله الحمد والمنة.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير مبدأ التوبة تجب ما قبلها ، ومن تاب تاب الله عليه.
٢ ـ عظم ذنب من يكذب على البرءاء ، ويتهم الأمناء بالخيانة.
__________________
(١) المراد بالاستغفار : التوبة وطلب العفو من الله تعالى عمّا مضى من الذنوب قبل التوبة.
(٢) أي ينسبه إليه.
(٣) إذ نتائج الضلال وعوائده وهي الخسران عائدة عليهم لا على الرسول صلىاللهعليهوسلم.