أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (١٢٥) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (١٢٦))
شرح الكلمات :
(بِأَمانِيِّكُمْ) : جمع أمنية : وهي ما يقدره المرء في نفسه ويشتهيه مما يتعذر غالبا تحقيقه.
(أَهْلِ الْكِتابِ) : اليهود والنصارى.
(سُوءاً) : كل ما يسىء من الذنوب والخطايا.
(وَلِيًّا) : يتولى أمره فيدفع عنه المكروه.
(نَقِيراً) : النقير : نقرة في ظهر النواة.
(مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) : عبادة الله وحده لا شريك له بما شرعه الله تعالى.
(خَلِيلاً) : الخليل : المحب الذي تخلل حبه مسالك النفس فهو أكبر من الحبيب.
(مُحِيطاً) : علما وقدرة إذ الكون كله تحت قهره ومدار بقدرته وعلمه.
معنى الآيات :
روي أن هذه الآية نزلت (١) لما تلاحى مسلم ويهودي وتفاخرا فزعم اليهودي أن نبيهم وكتابهم ودينهم وجد قبل كتاب ونبي المسلمين ودينهم فهم أفضل ، ورد عليه المسلم بما هو الحق فحكم الله تعالى بينهما بقوله : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ) أيها المسلمون (وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) من يهود ونصارى أي ليس الأمر والشأن بالأماني العذاب ، وإنما الأمر والشأن في هذه القضية أنه سنة الله تعالى في تأثير الكسب الإرادي على النفس بالتزكية أو التدسية فمن عمل (٢) سوءا من الشرك والمعاصي ، كمن عمل صالحا من التوحيد والطاعات يجز بحسبه
__________________
(١) روي أيضا عن قتادة أنه قال : تفاخر المؤمنون وأهل الكتاب فقال اهل الكتاب : نبيّنا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ، ونحن أحق بالله منكم ، وقال المؤمنون : نبيّنا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على سائر الكتب فنزلت .. ولا تعارض بين الرأيين.
(٢) هذه الآية عامة في الكافر والمؤمن ويؤكد عمومها رواية مسلم «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا نزلت وبلغت من المسلمين مبلغا قال : قاربوا وسدّدوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها» ويفسرها لنا أيضا قوله صلىاللهعليهوسلم في رواية أحمد لأبي بكر وقد قال لمّا نزلت : كيف الفلاح يا رسول الله بعد هذه الآية؟ فكل سوء عملناه جزينا به : غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ قال بلى قال فهو مما تجزون».