خرز أصلاب السمك ، ولا يأكلون السمك ولا يذبحون الحيوان ، ويأكلون الميتة ، وتعمل بها غضائر تباع في بلادنا على انّه صيني وليس كذلك ، لأن طين الصين أصلب من طين كولم وأصبر على النار ، وغضائر كولم لونها أدكن وغضائر الصين أبيض وغيره من الألوان.
بها منابت الساج المفرط الطول ربّما جاوز مائة ذراع وأكثر. وبها البقم والخيزران والقنا بها كثير جدّا ، وبها الراوند وهو قرع ينبت هناك ، ورقه الساذج الهندي العزيز الوجود لأجل أدوية العين ، ويحمل إليها أصناف العود والكافور واللبان ، والعود يجلب من جزائر خلف خطّ الاستواء ، لم يصل إلى منابته أحد ولا يدرى كيف شجره ، وإنّما الماء يأتي به إلى جانب الشمال.
وبها معدن الكبريت الأصفر ومعدن النحاس ينعقد دخانه توتياء جيّدا.
مدينة يثرب
هي مدينة الرسول ، صلّى الله عليه وسلّم ، وهي في حرّة سبخة مقدار نصف مكّة. من خصائصها أن من دخلها يشمّ رائحة الطيب ، وللعطر فيها فضل رائحة لم توجد في غيرها ، وأهلها أحسن الناس صوتا. قيل لبعض المدنيّين :ما بالكم أنتم أطيب الناس صوتا؟ فقال : مثلنا كالعيدان خلت أجوافنا فطاب صوتنا.
بها التمر الصّيحاني لم يوجد في غيرها من البلاد. وبها حبّ البان يحمل منها إلى سائر البلاد. وعن ابن عبّاس ان النبيّ ، عليه السلام ، حين عزم الهجرة قال : اللهمّ إنّك قد أخرجتني من أحبّ أرضك إليّ فأنزلني أحبّ أرضك إليك! فأنزله المدينة. ورأى النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، بلال بن حمامة وقد هاجر فاجتوى المدينة وهو يقول :
ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة |
|
بفخّ وحولي إذخر وجليل؟ |
وهل أردن يوما مياه مجنّة؟ |
|
وهل يبدون لي شامة وطفيل؟ |