بطيبها في الآفاق. والمدينة ذات قصور ومبان محكمة.
بها بستان عبد المؤمن بن عليّ أبي الخلفاء ، وهو بستان طوله ثلاثة فراسخ ، وكان ماؤه من الآبار فجلب إليها ماء من أعماق تسير تسقي بساتين لها. وحكى أبو الربيع سليمان الملتاني ان دورة مرّاكش أربعون ميلا.
ينسب إليها الشيخ الصالح سني بن عبد الله المراكشي ، وكان شيخا مستجاب الدعوة ، ذكر أن القطر حبس عنهم في ولاية يعقوب بن يوسف فقال : ادع الله تعالى ان يسقينا. فقال الشيخ : ابعث إليّ خمسين ألف دينار حتى أدعو الله تعالى أن يسقيكم في أيّ وقت شئتم! فبعث إليه ذلك ، ففرّقها على المحاويج ، ودعا فجاءهم غبث مدرار أيّاما ، فقالوا له : كفينا ادع الله أن يقطعه! فقال :
ابعث إليّ خمسين ألف دينار حتى أدعو الله أن يقطعه. ففعل ذلك ففرّق المال على المحاويج ، ودعا الله تعالى فقطعه. والله الموفق.
مكّة
هي البلد الأمين الذي شرّفه الله تعالى وعظّمه وخصّه بالقسم وبدعاء الخليل ، عليه السلام : ربّ اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات. واجعله مثابة للناس ، وأمنا للخائف ، وقبلة للعباد ، ومنشأ لرسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم.
وعن رسول الله ، عليه السلام : من صبر على حرّ مكّة ساعة تباعدت عنه جهنم مسيرة عام ، وتقرّبت منه الجنّة مائتي عام! إنّها لم تحلّ لأحد كان قبلي ، ولا تحلّ لأحد كان بعدي ، وما أحلّت لي إلّا ساعة من نهار ، ثمّ هي حرام لا يعضد شجرها ويحتشّ خلاها ولا يلتقط ضالتها إلّا لمنشد.
وعن ابن عبّاس : ما أعلم على الأرض مدينة يرفع فيها حسنة مائة إلّا مكّة ، ويكتب لمن صلّى ركعة مائة ركعة إلّا مكّة ، ويكتب لمن نظر إلى بعض بنيانها عبادة الدهر إلّا مكّة ، ويكتب لمن يتصدّق بدرهم ألف درهم إلّا مكّة!