ما كنت فاعلا! فقالت الزوجة واسمها هزيلة : أيّها الملك هذا ولدي حملته تسعا ووضعته دفعا وأرضعته شبعا ، ولم أنل منه نفعا ، حتى إذا تمّت فصاله واشتدّت أوصاله أراد زوجي أخذه كرها وتركي ولهى! فقال الزوج : إني حملته قبل أن تحمله وكفلت أمّه قبل أن تكفله! فقالت الزوجة : إنّه أيّها الملك حمله خفّا وأنا حملته ثقلا ، ووضعه شهوة وأنا وضعته كرها! فلمّا رأى عمليق متانة حجّتها تحيّر ، ورأى أن يجعل الغلام في جملة غلمانه حتى يتبيّن له الرأي فيه ، فقالت له هزيلة :
أتينا أخا طسم ليحكم بيننا |
|
فأظهر حكما في هزيلة ظالما |
ندمت وكم أندم وأنّى بعثرتي |
|
وأصبح بعلي في الحكومة نادما |
فلمّا سمع عمليق ذلك غضب على نساء جديس ، وأمر أن لا تزوّج بكر من نساء جديس حتى تدخل عليه فيكون هو مفترعها! فلقوا من ذلك ذلّا حتى تزوّجت غفيرة بنت غفار ، أخت الأسود بن غفار سيّد جديس ، فلمّا كانت ليلة الزفاف أخرجت لتحمل إلى الملك والقينات حولها يضربن بمعازفهن ويقلن :
ابدي بعمليق وقومي واركبي |
|
وبادري الصّبح بأمر معجب! |
فسوف تلقين الذي لم تطلبي |
|
وما لبكر دونه من مهرب! |
فأدخلت على عمليق فامتنعت عليه ، وكانت أيّدة فافترعها بحديدة وأدماها ، فخرجت ودمها يسيل على قدميها فمرّت باكية إلى أخيها وهو في جمع عظيم ، وهي تقول :
لا أحد أذلّ من جديس |
|
أهكذا يفعل بالعروس؟ |
فقال أخوها : ما شأنك؟ فأنشأت تقول :