يا أرحم الراحمين!»
وقد جربت هذه الكلمات لا يقولها خائف إلّا آمنه الله تعالى ، وكان الرشيد يقرّبه ويكرمه لما عرف فضله وغزارة علمه.
وكان القاضي أبو يوسف ومحمّد بن حسن رتبا عشرين مسألة وبعثاها على يد حدث من أصحابهما فقال الشافعي له : من حملك على هذا؟ فقال : من أراد حكمها. فقال : متعنّت أو متعلّم؟ فسكت الغلام ، فقال الشافعي : هذا من تعنّت أبي يوسف ومحمّد! ثمّ نظر فيها وحفظها وردّ الدرج إلى الحدث ، فأخبر الخليفة بذلك فأحضر أبا يوسف ومحمّدا وسألهما عن حال الدرج فاعترفا به ، فأحضر الشافعي وقال : بيّن أحكامها ولك الفضل. فقال : يا أمير المؤمنين قل لهما يسألاني عن واحدة واحدة ويسمعان جوابها بتوفيق الله. فعجزا عن استحضارها ، فقال الشافعي : أنا أكفيهما. سألاني عن رجل ابق له عبد فقال : هو حرّ ان طعمت طعاما حتى أجده ، كيف الخلاص من ذلك؟ الجواب :يهبه لبعض أولاده ويطعم حتى لا يعتق.
وسألاني عن رجلين كانا فوق سطح فوقع أحدهما من السطح ومات فحرمت على الآخر امرأته. الجواب : ان امرأة الحيّ كانت أمة للميت ، وكان الزوج بعض ورثته ، فصارت الأمة ملكا للزوج بحقّ الارث فحرمت عليه.
وسألاني عن رجلين خطبا امرأة في حالة واحدة وانّها لم تحلّ لأحدهما وحلّت للآخر. الجواب : لأحد الرجلين أربع وهي خامسة فلا تحلّ له ، والآخر ما كان كذلك فحلّت له.
وسألاني عن رجل ذبح شاة في منزله وخرج لحاجة ورجع ، قال لأهله :كلوا فإنّها حرمت عليّ ، فقال له أهله : ونحن أيضا قد حرمت علينا. الجواب :كان الرجل مجوسيّا أو وثنيّا ، فذبح شاة وخرج لحاجة وأسلم وأهله أيضا أسلموا ، فقال لأهله : كلوا فإني أسلمت لا تحلّ لي ذبيحة المجوس! فقال له أهله : نحن أيضا قد أسلمنا وحرمت علينا أيضا.