من أعلاها إلى أسفلها ، وجعل أعشار القرآن وآياته وأعداد السور بالذهب واللازورد ، فيقرأ الإنسان جميع القرآن منها وهو قاعد ، ثمّ استولى الفرنج عليها وخرّبوها. فلمّا كانت سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة قدم صلاح الدين وأمر ببناء سور على الفسطاط والقاهرة ، فذرع دورتها فكانت فرسخين ونصفا ، وكان بها طلسم للتماسيح ؛ قال أبو الريحان الخوارزمي : كان بجبال الفسطاط طلسم للتماسيح ، وكانت لا تستطيع الإضرار حولها ، وكان إذا بلغ حولها استلقى وانقلب على ظهره ، وكان يلعب به الصبيان فكسر ذلك الطلسم وبطل حكمه.
وبالفسطاط محلّة تسمّى الجزيرة ، لأن النيل إذا زاد أحاط الماء بها وحال بينها وبين معظم الفسطاط فاستقلّت هي بنفسها. وبها أسواق وجامع وبساتين وهي من متنزّهات مصر ؛ قال الساعاتي الدمشقي :
ما أنس لا أنس الجزيرة ملعبا |
|
للأنس تألفها الحسان الخرّد |
يجري النّسيم بغصنها وغديرها |
|
فيهزّ رمح أو يسلّ مهنّد |
ويريك دمع الطّلّ كلّ سفيقة |
|
كالخدّ دبّ به عذار أسود |
فيروز اباد
قرية من قرى شيراز ، بناها فيروز ملك الفرس فيما أظنّه. ينسب إليها الشيخ الإمام أبو إسحق إبراهيم الفيروزابادي. كان عالما ورعا زاهدا ، له تصانيف في الفقه. ولمّا صنّف كتاب التنبيه صلّى بكلّ مسألة فيها ركعتين ودعا لمن يشتغل به. وهو كتاب مبارك سهل الضبط والحفظ. ومن ورعه انّه سلّم إلى شخص رغيفين وأمره أن يشتري بكلّ واحدة حاجة ، فاشتبه على الوكيل فاشترى كيف اتّفق ، فعلم الشيخ بذلك ودفعهما وقال : خالفت الوكالة لا يحلّ المشتري.
وذكر أنّه كان يمشي مع أصحابه فكان على طريقهم كلب فصاح على الكلب