احترازا من اللصوص ، وجعلوا دوابهم تحت الجدار وأمتعتهم حولها ، واشتغلوا بحراسة ما تباعد عن الجدار لأمنهم من صوب الجدار. فلمّا كان الليل صعد البرقعيديون السطح ، وألقوا على الدواب كلاليب أنشبوها في براذعها وجذبوها إلى السطح ، ولم يدر القوم إلى وقت الرحيل ، فطلبوا الدواب فما وجدوها ، فذهبوا وتركوها. فلمّا كثرت منهم أمثال هذه الأفاعيل تجنّبتهم القوافل ، وجعلوا طريقهم إلى باشزّى ، وانتقلت الأسواق إلى باشزّى وخربت برقعيد.
والآن لم يبق بها إلّا طائفة صعاليك ضعفى.
ينسب إليها المغني البرقعيدي الذي يضرب به المثل في سماجة الوجه وكراهة الصوت ، قال :
وليل كوجه البرقعيديّ ظلمة |
|
وبرد أغانيه وطول قرونه |
قطعت دياجيه بنوم مشرّد |
|
كعقل سليمان بن فهد ودينه |
على أولق فيه الهباب كأنّه |
|
أبو جابر في خبطه وجنونه |
إلى أن بدا ضوء الصّباح كأنّه |
|
سنا وجه قرواش وضوء جبينه |
بروجرد
بلدة بقرب همذان ، طيّبة خصيبة كثيرة المياه والأشجار والفواكه والثمار.
فواكهها تحمل إلى المواضع التي بقربها. وهي قليلة العرض طولها مقدار نصف فرسخ. أرضها تنبت الزعفران.
من عجائبها ما ذكر أنّه في قديم الزمان نزل على بابها عسكر ، فأصبحوا وقد مسخ العسكر حجرا صلدا. وآثارها إلى الآن باقية ، وإن كانت التماثيل بطول الزمان تشعّبت بنزول الأمطار عليها وهبوب الرياح واحتراقها بحرارة الشمس ، لكن لا يخفى أن هذا كان إنسانا وذاك كان بهيمة وغيرها.