وينسب إليها الوزير عليّ بن عيسى وزير المقتدر ووزير ابنه المطيع. ركب يوم الموسم كما كان الوزراء يركبون في موكب عظيم ، فرآه جمع من الغرباء قالوا : من هذا؟ وكانت امرأة عجوز تمشي على الطريق قالت : كم تقولون من هذا؟ هذا واحد سقط من عين الله تعالى ، فابتلاه الله بهذا كما ترونه! فسمع هذا القول عليّ بن عيسى ، فرجع إلى بيته واستعفى من الوزارة وجاور مكّة إلى أن مات.
وينسب إليها أبو نصر بشر بن الحرث الحافي. ذكر أيّوب العطّار انّه قال له بشر : ألا أحدّثك عن بدو أمري؟ بينا أنا أمشي إذ رأيت قرطاسا على وجه الأرض عليه اسم الله تعالى ، فأخذته وكنت لا أملك إلّا درهما واحدا اشتريت به الماورد والمسك ، غسلت القرطاس بالماورد وطيّبته بالمسك ثمّ رجعت إلى منزلي ونمت ، فأتاني آت يقول : طيّبت اسمي لأطيّبنّ ذكرك وطهرته لأطهّرنّ قلبك!
وحكت زبيدة أخت بشر أن بشرا دخل عليّ ليلة من الليالي ، فوضع إحدى رجليه داخل الدار والأخرى خارجها وهو كذلك إلى أن أصبح ، فقلت له : في ماذا كنت تفكّر؟ قال : في بشر اليهودي وبشر النصراني وبشر المجوسي! ونفسي ما الذي سبق مني حتى خصّني الله تعالى دونهم؟ فتفكّرت في تفضيله وحمدته على أن جعلني من خاصّته وألبسني لباس أحبّائه.
وحكي أن بشرا الحافي دعي إلى دعوة ، فلمّا وضع الطعام بين يديه أراد أن يمدّ يده إليه فما امتدّت حتى فعل ذلك ثلاث مرّات فقال بعض الحاضرين الذي كان يعرف بشرا : ما كان لصاحب الدعوة حاجة إلى إحضار من أظهر أن طعامه ذو شبهة.
وحكي أن أحمد بن حنبل سئل عن مسألة في الورع فقال : لا يحلّ لي أن أتكلّم في الورع وأنا آكل من غلّة بغداد! لو كان بشر بن الحرث حاضرا لأجابك فإنّه لا يأكل من غلّة بغداد ولا من طعام السواد! توفي سنة تسع وعشرين