مرضيا يرتفع منه إلى أنفي زفر لا تقبله نفسي! توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
وينسب إليها أبو الحسن السري بن المغلّس السّقطي خال أبي القاسم الجنيد وأستاذه وتلميذ معروف الكرخي. دعا له أستاذه معروف وقال له : أغنى الله قلبك! فوضع الله تعالى فيه الزهد. وقيل : ان امرأة اجتازت بالسري ومعها ظرف فيه شيء فسقط من يدها وانكسر ، فأخذ السريّ شيئا من دكانه وأعطاها بدل ما ضاع عليها ، فرأى معروف ذلك فأعجبه وقال له : ابغض الله إليك الدنيا! فتركها وتزهّد كما دعا له.
وحكي أن امرأة جاءت إلى السري وقالت : يا أبا الحسن ، أنا من جيرانك ، وإن ابني أخذه الطائف ، واني أخشى أن يؤذيه ، فإن رأيت أن تجيء معي أو تبعث إليه أحدا. فقام يصلّي وطوّل صلاته فقالت المرأة : أبا الحسن ، الله الله في ولدي! إني أخشى أن يؤذيه السلطان! فسلّم وقال لها : أنا في حاجتك. فما برحت حتى جاءت امرأة وقالت لها : لك البشرى فقد خلّوا عن ابنك!
حكى الجنيد قال : دخلت على السري فإذا هو قاعد يبكي وبين يديه كوز مكسور ، قلت : ما سبب البكاء؟ قال : كنت صائما فجاءت ابنتي بكوز ماء فعلّقته حتى يبرد فأفطر عليه ، فأخذتني عيني فنمت فرأيت جارية دخلت عليّ من هذا الباب في غاية الحسن ، فقلت لها : لمن أنت؟ قالت : لمن لا يبرّد الماء في الكيزان الخضر! وضربت بكمّها الكوز ومرّت وهو هذا. قال الجنيد : فمكثت اختلفت إليه مدّة طويلة أرى الكوز المكسور بين يديه.
وحكي أن السري كلّ ليلة إذا أفطر ترك لقمة ، فإذا أصبح جاءت عصفورة وأكلت تلك اللقمة من يده. فجاءت العصفورة في بعض الأيّام ووقعت على شيء من جدار حجرته ثمّ طارت وما أكلت اللقمة ، فحزن الشيخ لذلك وقال : بذنب مني نفرت العصفورة ، حتى تذكّر انّه اشتهى الخبز بالقديد فأكل ، فعلم ان انقطاع العصفورة بسبب ذلك ، فعهد أن لا يتناول أبدا شيئا من الادام فعادت العصفورة.