وجاء اللصّ ومعه ثياب أبي الحسين ، وقد جفّت يده اليمنى ، فخرج أبو الحسين من الماء ولبس ثيابه ثمّ قال : يا سيّدي ، ردّ عليّ ثيابي ، ردّ عليه يده! فردّ الله عليه يده.
وحكي أن الثوري مرض فجاء الجنيد إليه لعيادته بشيء من الدراهم فردّها ، ومرض الجنيد فذهب إليه الثوري ووضع يده على جبهته فعوفي من ساعته ، وقال للجنيد : إذا عدت إخوانك فأوفهم مثل هذا البرّ! توفي الثوري سنة خمس وتسعين ومائتين ، رحمة الله عليه.
وينسب إليها الإمام العالم البارع الورع محيي السنّة أبو محمّد الحسين بن مسعود الفراء البغوي. كان عديم النظير في علم التفسير وأحاديث رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، ومعرفة الصحابة وأسامي الرواة وعلم الفقه والأدب ، وتصانيفه في غاية الحسن والصحة واعتماد أهل الحديث والفقه على تصانيفه ، وسمّوه محيي السنّة. كان معاصرا للإمام حجّة الإسلام أبي حامد الغزّالي ، والإمام فخر الإسلام أبي المحاسن الروياني ، رحمة الله عليهم أجمعين.
بلاد الدّيلم
بأرض الجبال بقرب قزوين. وهي بلاد كلّها جبال ووهاد ، وفيها خلق كثير من الديلم ، وهم أشدّ الناس حمقا وجهلا! بينهم قتال فإذا قتل واحد منهم قتلوا من تلك القبيلة أيّ واحد كان. وكانوا ملوك بلاد الجبال قديما. ذكر أنّ أصلهم من بني تميم ، ولذلك ترى أكثرهم يميلون إلى الأدب والعربيّة.
منهم ملوك آل بويه وكانوا كلّهم فضلاء أدباء.
ينسب إليها شمس المعالي قابوس بن وشمكير. كان ملكا فاضلا أديبا. كان أخوه مرداويج صاحب بلاد الجبال ، وكان عساكره الديلم والترك وبينهما خصومة ، وهو ينصر الديلم لأنّهم كانوا أنسابه ، فالترك كبسوا عليه في الحمّام وقتلوه ، فقام قابوس مقامه وتضعضع الملك ، فانتزع آل بويه بلاد الجبال منه ،