لا ينبت بها النخل والنارنج والليمون والأترج ، ولا يعيش بها الفيل والجاموس ولو حملا إليها ماتا دون سنة. وقصبتها أصفهان والري وهمذان وقزوين. وبها من الجبال والأودية ما لا يحصى.
بها جبل أروند وهو جبل نزه خضر نضر مطلّ على همذان ، حكى بعض أهل همذان قال : دخلت على جعفر بن محمّد الصادق فقال : من أين أنت؟قلت : من همذان. قال : أتعرف جبلها راوند؟ قلت : جعلني الله فداك! جبلها أروند؟ قال : نعم إن فيها عينا من عيون الجنّة! وأهل همذان يرون الماء الذي على قلّة الجبل ، فإنّها يخرج منها الماء في وقت من أوقات السنة معلوم ، ومنبعه من شقّ في صخر وهو ماء عذب شديد البرد ، فإذا جاوزت أيّامه المعدودة ذهب إلى وقته من العام المقبل لا يزيد ولا ينقص ، وهو شفاء للمرضى يأتونه من كلّ جهة ، وذكروا أنّه يكثر إذا كثر الناس عليه ويقلّ إذا قلّوا.
وبها جبل بيستون بين همذان وحلوان وهو عال ممتنع لا ترتقى ذروته ، ومن أعلاه إلى أسفله أملس كأنّه منحوت وعرضه ثلاثة أيّام وأكثر. ذكر في تواريخ العجم أن حظية كسرى ابرويز شيرين المشهورة بالحسن والجمال عشقها رجل حجّار اسمه فرهاذ ، وتاه في حبّها واشتهر ذلك بين الناس ، فذكر أمره لأبرويز فقال لأصحابه : ماذا ترون في أمر هذا الرجل ان تركته وما هو عليه فهتك وقبح ، وإن قتلته أو حبسته فعاقبت غير مجرم؟ فقال بعض الحاضرين :اشغله بحجر حتى يصرف عمره فيه! فاستصوب كسرى رأيه وأمر بإحضاره ، فدخل وهو رجل ضخم البدن طويل القامة مثل الجمل الهائج ، فأمر كسرى بإكرامه وقال : ان على طريقنا حجرا يمنعنا من المرور ، نريد أن تفتح فيه طريقا يصلح لسلوكنا فيه ، وقد عرفنا دربتك وذكاءك! وأشار إلى بيستون لفرط شموخه وصلابة حجره. فقال الصانع : ارفع هذا الحجر من طريق الملك ان وعدني بشيرين! فتأذى كسرى من هذا لأنّها كانت حظيته ، لكن قال في نفسه :من يقدر على قطع بيستون؟ فقال في جوابه : نفعل ذلك إذا فرغت! فخرج