لقد أتى همذان البرد فانطلق |
|
وارحل على شعب شمل غير متّفق |
أرض يعذّب أهلوها ثمانية |
|
من الشّهور بأنواع من الوهق |
فإن رضيت بثلث العمر فارض بها |
|
وقد تعدّ إذا من أجهل الحمق |
إذا ذوى البقل هاجت في بلادهم |
|
من جربيائهم مشّاقة الورق |
فالبرد يرمي سهاما ليس يمنعها |
|
من المروق بلبس الدّرع والدّرق |
حتّى تفاجئهم شهباء معضلة |
|
تستوعب النّاس في سربالها اليقق |
أمّا الغنيّ فمحصور يكابدها |
|
طول الشّتاء مع اليربوع في نفق |
والمملقون بها سبحان ربّهم |
|
ممّا يقاسون من برد ومن أرق |
فكلّ غاد بها أو رائح تعب |
|
ممّا يكابد من برد ومن دمق |
فالماء كالصّخر والأنهار جامدة |
|
والأرض عضّاضة بالضرس في الطّرق |
فإذا انتقلت الشمس إلى برج الحمل ، وقد امتلأت دروبهم من الثلج حتى سدّ عليهم الطرق ، جمعوا مياههم وأرسلوها إلى المدينة ، وحيطانها كلّها صخريّة ، فدخل الماء دروبهم ، ويحمل ما فيه من الثلج ويذهب به ، ويكون ذلك اليوم عيدا عظيما عندهم يسمّونه حمل بندان ، فصعدوا سطوحهم بالغناء والرقص في كلّ محلّة ، واتّخذوا من الثلوج شبه قلاع يرقصون عليها ، والماء يدخل عليهم ويرميهم ، وهم على تلّ الثلج ، فيقعون في وسط الماء والثلج ، فيدخل الماء دربا دربا حتى تنقى المدينة كلّها من الثلج.
ومن عجائبها أسد من صخر على باب المدينة عظيم جدّا. حكى الكيا شيرويه أن سليمان بن داود ، عليه السلام ، اجتاز بموضع همذان ، قال : ما بال هذا الموضع مع كثرة مائه وسعة ساحته لا تبنى به مدينة؟ قالوا : يا نبيّ الله إن ههنا لا يكون مقام الناس لأن البرد به شديد والثلج به يقع قدر قامة رمح. فقال ، عليه السلام ، لصخر الجني : هل من حيلة؟ فقال : نعم يا نبيّ الله ؛ فاتّخذ