طرائف من الأحجار وعليه ممّا يلي سيماس جمّة يقال لها عين زراوند ، وهي جمّة شريفة جليلة القدر كثيرة المنفعة ، وذلك لأن الإنسان أو الدابة إذا ألقي فيها وبه كلوم وقروح يندمل ويلتحم ، وإن كان فيها عظام موهّنة مرضّضة كامنة وشظايا غامضة ، تتفجّر أفواهها وينقّيها عن كلّ وسخ ويلحمها. قال مسعر ابن مهلهل : عهدي بمن تولّيت حمله إليها وبه علل من جرب وسلع وقولنج وحزاز ، وضربان في الساقين واسترخاء في العصب ، وفيه سهم قد نبت اللحم على نصله كنّا نتوقّع موته ساعة فساعة ، فأقام بها ثلاثا فخرج النصل من خاصرته وعوفي من بقيّة العلل. قال : ومن شرف هذه الجمّة أن الإنسان إذا شرب منها أمن الخوانيق وأسهل السوداء من غير مشقّة.
وحكى صاحب تحفة الغرائب أن بأرض أرمينية بيت نار ، له سطح من الصاروج وميزاب من النحاس ، وتحت الميزاب حوض كبير من الرخام ، وفي البيت مجاورون كلّما قلّ المطر بتلك الناحية أوقدوا نارهم ، وغسلوا سطح البيت بماء نجس حتى ينصبّ من الميزاب إلى الحوض ، ثمّ يرشون البيت بذلك الماء النجس ، فعند ذلك تستر السماء بالغمام وتمطر حتى يغسل السطح والميزاب والحوض ، ويمتلىء من الماء الطاهر.
الأشبونة
مدينة بالأندلس بقرب باجة طيّبة. بها أنواع الثمرات وضروب صيد البر والبحر. وهي على ضفة البحر تضرب أمواج البحر حائط سورها ؛ قال أحمد ابن عمر العذري ، وهو صاحب الممالك والمسالك الأندلسيّة : على أحد أبواب الأشبونة المعروف بباب الجمّة جمّة قريبة من البحر ، يجري بماء حارّ وماء بارد ، فإذا فار البحر واراها. وقال أيضا : بقرب الأشبونة غار عظيم تدخل أمواج البحر فيه ، وعلى فم الغار جبل عال ، فإذا ترادفت أمواج البحر في الغار ترى الجبل يتحرّك بتحرّك الموج ، فمن نظر إليه رآه مرّة يرتفع ومرّة ينخفض.