خلاط
مدينة كبيرة مشهورة قصبة بلاد أرمينية ، ذات خيرات واسعة وثمرات يانعة ، بها المياه الغزيرة والأشجار الكثيرة. وأهلها مسلمون ونصارى. وكلام أهلها العجمية والأرمنية والتركية. ذات سور حصين ، قصدها الكرج في زمن الملك الكامل الأوحد ونزلوا عليها يحاصرونها ، وكان خارج المدينة نهر عليه قنطرة ، فأهل خلاط نقضوها وستروها بشيء من الحشيش ، ليقع فيها من يجتاز عليها من الكرج ، وجلسوا تحت القنطرة منتظرين لمن يقع فيها حتى يأخذوه. وكان لملك الكرج ، ويقال له الإيواني ، منجّم فاضل جرّبه مرارا كان ذا حكم صحيح ؛ قال للإيواني : اركب الآن وحارب فإنّك في آخر النهار تكون جالسا على سرير خلاط. فقام وركب وهو سكران ، فأوّل من اجتاز في القنطرة كان الإيواني وقع في القنطرة. اجتمعوا عليه وأخذوه ؛ قال : لا تقتلوني فإني أنا الإيواني ، فحملوه إلى خلاط وأجلسوه على السرير فقال لهم : إن كنتم تخلّصونني فافعلوا سريعا قبل أن يمشي الخبر إلى الكرج ويقيموا مقامي أحدا ، ولكم كلّ ما سألتم. فطلبوا منه فكّ أسارى المسلمين كلّهم ومالا عظيما عمروا به سور خلاط وعاهدوا بالمهادنة سنين كثيرة وخلّصوه. ومن عجائبها بحيرتها التي يجلب منها السمك الطريخ إلى جميع البلاد ؛ قال ابن الكلبي : بحيرة خلاط من عجائب الدنيا ، فإنّها عشرة أشهر لا ترى فيها سمكة ولا ضفدعة ، وشهران في السنة تكثر بها حتى تقبض باليد ، وتحمل إلى سائر البلاد حتى إلى بلاد الهند ؛ قيل : إنّه لطلسم عمله بليناس الحكيم لقباذ الملك ، وأمّا أهل خلاط فالفسق عندهم ظاهر ، وصنّاعها يعملون أقفالا ما في شيء من البلاد مثلها.