خوارزم
ناحية مشهورة ذات مدن وقرى كثيرة ، وسيعة الرقعة فسيحة البقعة ، جامعة لأشتات الخيرات وأنواع المسرّات ؛ قال جار الله الزمخشري : «بخوارزم فضائل لا توجد في غيرها من سائر الأقطار ، وخصال محمودة لا تتّفق في غيرها من الأمصار ، قد اكتنفها أهل الشرك ، وأطافت بها قبائل الترك ، فغزو أهلها معهم دائم ، والقتال فيما بينهم قائم ، وقد أخلصوا في ذلك نياتهم ، وأمحضوا فيه طوياتهم ، وقد تكفّل الله بنصرهم في عامة الأوقات ، ومنحهم الغلبة في جميع الوقعات ، وقد خصّها بجيحون واد عسر المعبر بعيد المسالك ، غزير الماء كثير المهالك. وأهلها أصحاب قلوب جريّة ، ونفوس أبيّة ، ولهم السداد والديانة ، والوفاء والأمانة ، ودينهم محبّة الأخيار ، ومقت الأشرار ، والإحسان إلى الغرباء ، والتعطّف على الضعفاء. وممّا اختصّت به خوارزم أنواع الرقيق الروقة والخيل الهماليج الفرّهة ، وضروب الضواري من البزاة والصقور ، وأجناس الوبر وألوان الثياب ، وثمارها أطيب الثمار وأشهاها وألذّها وأحلاها وأنماها وأمراها ، وهواؤها أصحّ هواء ، وماؤها أعذب ماء ، وناهيك ببطّيخها الذي لا يوجد مثله.» انتهى كلام الزمخشري.
بها نهر جيحون ؛ قال الأعمود : نهر جيحون يعرف بجريان يخرج من حدود بذخشان ، وينضمّ إليها أنهار في حدود الختل ووحش فتصير نهرا عظيما ، وترتفع إليها أنهار البتم وأنهار صغانيان ، وماء وحشاب الذي يخرج من بلاد الترك ، ويصير في أرض وحش في جبل هناك حتى يعبر قنطرة ، ولا يعلم في الدنيا ماء في كثرته يضيق مثل ضيقه في هذا الموضع ، وهذه القنطرة هي الحدّ بين الختل وواشجرد ، ثمّ يمرّ على مدن كثيرة حتى يصل إلى خوارزم ، ولا ينتفع شيء من البلاد به إلّا خوارزم ، فإنّها تستقلّ عنه ثمّ ينحدر عن خوارزم وينصبّ في بحيرة تسمّى بحيرة خوارزم ، بينها وبين خوارزم ستّة أيّام.