قل واحدا واحدا واسمع جوابه! فلمّا شرع الكشّيّ في الجواب كان العميدي يزيد على الجواب أيضا. فلمّا أظهر القدرة خلّاه حتى تمّمه. وإذا حضر العميدي مدينة حضر جميع الفقهاء عنده ، واغتنموا حضوره وقرأوا تصانيفه.
وعزم الذهاب إلى بلاد العراق فقالوا للسلطان : إن هذا رجل عديم المثل زينة لهذه البلاد ؛ فمنعه من مفارقة تلك البلاد. فلمّا وصل إلى نيسابور قالوا له :إن كان لك التماس من السلطان فالتمس ولا تخرج عن مملكته.
وحكي أنّه كان يباحث أحدا فنقل نقلا فأنكر المباحث ذلك النقل ، فقام ودخل البيت حتى يأتي بالكتاب الذي فيه النقل فأبطأ الخروج فدخلوا عليه فإذا هو مفارق. وكان ذلك قريبا من سنة عشر وستمائة.
سيواس
مدينة بأرض الروم مشهورة خصينة كثيرة الأهل والخيرات والثمرات.
أهلها مسلمون ونصارى ، والمسلمون تركمان وعوام طلاب الدنيا وأصحاب التجارات ، وعلى مذهب الإمام أبي حنيفة ، وأسباب الفسق والبطالة عندهم ظاهرة.
وحكى بعض الغرباء قال : دخلت سيواس فسألت عن مسجد آوي إليه ، فدلّوني على بعضها فدخلته فإذا فيه دنان فيها خمور ، فحولقت وأردت أن أريقها فقلت : أنا رجل غريب ، هذا على يد المحتسب أولى. فسألت عن دار المحتسب وسألت عنه قالوا : إنّه سكران نائم! فعجبت من هذا أيضا أن المحتسب يكون سكران ، فصبرت حتى استيقظ وقلت له ما رأيت في المسجد ، فقال : هذا مسجد لا وقف له ، وأثّر فيه الخراب فأكريناه من بعض الخمّارين وأخذنا الأجرة سلفا ، وعمرنا المسجد بها! فقلت : ما أنت رجل مسلم؟ قال : بلى. قلت له :اراقة الخمر واجب عليك فكيف تركت الواجب؟ فقال : يا هذا أريق خمور النصارى حتى يضمّنوني قيمتها؟ قلت : قالوا لي انّك سكران نائم فكيف يكون المحتسب سكران؟ فقال : إن القوم لقلّة ديانتهم يمزجون الماء بالنبيذ ويبيعونه ،