وأنا أذوق منه وأزجر من يفعل ذلك.
وحكي أن بسيواس وقفا على علف الطيور شتاء ، وذلك عند وقوع الثلج عمّ جميع وجه الأرض ، فعند ذلك ينتقل صغار الطيور من الصحراء إلى العمران ، فتشترى الحبوب بحاصل هذا الوقف وتنثر على السطوح لتلتقطها الطيور الضعاف.
شاش
ناحية من وراء نهر سيحون متاخمة لبلاد الترك. كانت أكبر ثغر في وجه الترك ، وكانت من أنزه بلاد الله وأكثرها خيرا. وكانت عامّة دورهم يجري فيها الماء وكلّها مستترة بالخضرة ، فخربت في زمن السلطان محمّد خوارزمشاه ، بسبب اختلاف عساكره وعساكر خطا ، فقتل ملوكها وجلا أهلها عنها لعجزه عن ضبطها ، فبقيت تلك الديار والأنهار والأشجار والأزهار خاوية على عروشها ، وذلك قبل ورود التتر.
ينسب إليها أبو بكر محمّد بن عليّ بن إسماعيل القفّال الشاشي. كان عالما فقيها ذا تصانيف كثيرة. درس على أبي العبّاس بن سريج ، وهو الذي أنشأ علم المناظرة وأظهر مذهب الشافعي ببلاد ما وراء النهر. وكان أوّل أمره قفّالا ، عمل قفلا وزنه دانق مع الفراشة والمفتاح ، فتعجّب الناس من حذقه. واختار مذهب الشافعي وعاد إلى ما وراء النهر ، وانتشر فقه الشافعي بما وراء النهر مع غلبة الحنفية هناك. وكان علّامة في التفسير والفقه والأدب والجدل والأصول.
وبها جبل اسبرة ؛ قال الاصطخري : هي جبال يخرج منها النفط ، وانّها معدن الفيروزج والحديد والصفر والانك والذهب. ومنها جبل حجارته سود يحترق مثل الفحم ، يباع منه وقر أو وقران بدرهم ، فإذا احترق اشتدّ بياض رماده فيستعمل في تبييض الثياب ، ولا يعرف مثله في شيء من البلاد ، وفي الطبيعة عجائب لا يعلم سرّها إلّا الله.