في المدينة جنّا يجرّون من علا على السور فأيسوا منها وتركوها.
وذكر أبو حامد الأندلسي في وصف مدينة النحاس قصيدة منها :
وتقبّل الملكوت ربعي حيث ما |
|
فلك البروج يجرّ في سجداته |
أرض بحيرة التي دانت بها |
|
جنّ الفلا والطّير في غدواته |
والرّيح يحمله الرّخاء فإنّما |
|
شهرين مطلعها إلى روحاته |
كالطّود مبهمة بأسّ راسخ |
|
أعيا البريّة من جميع جهاته |
والقطر سال بها فصاغ مدينة |
|
عجبا يحار الوهم دون صفاته |
حصن النّحاس أحاط من جنباتها |
|
وعلى غلوّ السّهم في غلواته |
فيها ذخائره وجلّ كنوزه |
|
والله يكلأها إلى ميقاته |
في الأرض آيات فلا تك منكرا |
|
فعجائب الأشياء من آياته |
مراغة
مدينة كبيرة مشهورة من بلاد آذربيجان قصبتها. وهي كثيرة الأهل عظيمة القدر غزيرة الأنهار كثيرة الأشجار وافرة الثمار. بها آثار قديمة للمجوس ومدارس وخانقاهات حسنة.
حدّثني بعض أهلها أن بها بستانا يسمّى قيامتاباذ ، فرسخ في فرسخ ، وأن أربابه لا يقدرون على تحصيل ثمرتها من الكثرة ، فتتناثر من الأشجار. وبقرب قيامتاباذ جمّة يفور الماء الحارّ عنها ، يأتيها أصحاب العاهات يستحمّون بها وتنفعهم. وهي عيون عدّة أكثر ما يأتيها الزمنى والجربى. فإذا انفصل هذا الماء عن الجمّة ، ويجري على وجه الأرض ، يصير حجرا صلدا.
وخارج المدينة غار يدخله الإنسان ، يرى فيه شبه البيوت والغرف ، فإذا أمعن يرى فيه شيئا صليبا لا يقرب منه أحد إلّا هلك ، يزعمون أنّه طلسم على كنز ، والله أعلم.