ونفوس الترك نفوس مائلة إلى الشرّ والفساد الذي هو طاعة الشيطان ، فترى أكثرهم عبدة الأصنام أو الكواكب أو النيران أو نصارى ، وما فيهم عجيب يذكر إلّا سحرهم واستمطارهم المطر بالحجر الذي يرمونه في الماء ، وذكر انّه من خاصيّة الحجر وقد مرّ ذكره مبسوطا.
حكى صاحب تحفة الغرائب أن بأرض الترك جبلا لقوم يقال لهم زانك ، وهم ناس ليس لهم زرع ولا ضرع ، وفي جبالهم ذهب وفضّة كثيرة ، وربّما توجد قطعة كرأس شاة ، فمن أخذ القطاع الصغار ينتفع بها ، ومن أخذ القطاع الكبار يموت الآخذ وأهل كلّ بيت تلك القطعة فيه ، فإن ردّها إلى مكانها انقطع الموت عنهم ، ولو أخذه الغريب لا يضرّه شيء.
وحكي أن بتركستان جبلا يقال له جبل النار ، فيه غار مثل بيت كبير ، كلّ دابّة تدخله تموت في الحال.
رذوم
مدينة بأرض الفرنج مبنية بالحجارة المهندمة على نهر شعنة. لا تفلح بها الكروم والشجر أصلا ، لكن يكثر بها القمح والسلت ، يخرج من نهرها حوت يسمّونه سلمون ، وحوت آخر صغير طعمه ورائحته كطعم القثاء ، وذكر أن هذا الحوت يوجد في نيل مصر أيضا ويسمّى العير.
وحكى الطرطوشي أنّه رأى برذوم حدثا بلغت لحيته ركبتيه ، فمشطها فهبطت عن ركبتيه بأربع أصابع ، وكان خفيف العارضين ، فحلف انّه لم يكن على وجهه شعر قبل ذلك بستّة أعوام!
وحكي انّه يخرج في الشتاء برذوم عند البرد الشديد نوع من الاوزّ أبيض ، أحمر الأرجل والمناقير ، يسمّى عايش ، وهذا النوع لا يتفرّخ إلّا في جزيرة عاهق ، وهي غير مسكونة ، فربّما انكسرت المراكب في البحر ، فمن تعلّق بهذه الجزيرة يقتات ببيض هذا الطير وفراخه الشهر والشهرين.