أرسل فيه الماء امتلأ ، يصعد الماء إلى تلك التماثيل التي على رؤوس الأساطين ، فإذا كان يوم الشعانين ، وهو عيدهم ، في الصهريج حياض ملؤها حوض زيتا وحوض خمرا وحوض عسلا ، وحوض ماء وردا وحوض خلّا ، وطيبوها بالمسك والقرنفل ، وحوض ماء صافيا. ويغطى الصهريج بحيث لا يراه أحد فيخرج الماء والشراب والمائعات من أفواه تلك الصور ، فيتناول الملك وأصحابه وجميع من خرج معه إلى العيد.
وبقرب الكنيسة عمود طوله ثلاثمائة ذراع وعرضه عشرة أذرع ، وفوق العمود قبر قسطنطين الملك الذي بنى الكنيسة ، وفوق القبر تمثال فرس من صفر ، وعلى الفرس صنم على صورة قسطنطين ، على رأسه تاج مرصع بالجواهر ، ذكروا أنّه كان تاج هذا الملك ، وقوائم الفرس محكمة بالرصاص على الصخرة ، ما عدا يده اليمنى فإنّها سائبة في الهواء ، ويد الصنم اليمنى فإنّها في الجوّ كأنّه يدعو الناس إلى قسطنطينية ، وفي يده اليسرى كرة ، وهذا العمود يظهر في البحر من مسيرة بعض يوم للراكب في البحر ، واختلفت أقاويل الناس فيها : فمنهم من يقول في يد الصنم طلسم يمنع العدوّ عن البلد ، ومنهم من يقول : على الكرة التي بيده مكتوب : ملكت الدنيا حتى صارت بيدي هكذا ، يعني كهذه الكرة ، وخرجت منها مبسوط اليد هكذا. والله أعلم.
ومن عجائب الدنيا ما ذكره الهروي ، وهو منارة قسطنطينية ، وهي منارة موثقة بالرصاص والحديد ، وهي في الميدان إذا هبّت رياح أمالتها جنوبا وشمالا وشرقا وغربا من أصل كرسيها. ويدخل الناس الخزف والجوز في خلل بنائها فتطحنها.
وبها فنجان الساعات : اتّخذ فيه اثنا عشر بابا ، لكلّ باب مصراع طوله شبر على عدد الساعات ، كلّما مرّت ساعة من ساعات الليل أو النهار انفتح باب وخرج منه شخص ، ولم يزل قائما حتى تتمّ الساعة ، فإذا تمّت الساعة دخل ذلك الشخص وردّ الباب ، وانفتح باب آخر وخرج منه شخص آخر على هذا المثال.