قوم من الترك ، وجدناهم شرّ الأتراك وأقدرهم وأشدّهم إقداما على القتل ، فوجدتهم يقولون : للصيف ربّ ، وللشتاء ربّ ، وللمطر ربّ ، وللريح ربّ ، وللشجر ربّ ، وللناس ربّ ، وللدوابّ ربّ ، وللماء ربّ ، ولليل ربّ ، وللنهار ربّ ، وللموت ربّ ، وللحياة ربّ ، وللأرض ربّ ، وللسماء ربّ ، وهو أكبرهم إلّا أنّه يجتمع مع هؤلاء بالاتّفاق ويرضى كلّ واحد بعمل شريكه.
وحكي أنّه رأى قوما يعبدون الكراكي فقلت : إن هذا من أعجب الأشياء! وسألت عن سبب عبادتهم الكراكي فقالوا : كنّا نحارب قوما من أعدائنا فهزمونا ، فصاحت الكراكي وراءهم فحسبوها كمينا منّا فانهزموا ، ورجعت الكرة لنا عليهم ، فنعبدها لأنّها هزمت أعداءنا.
وحكى فقيه من باشغرت أن أهل باشغرت أمّة عظيمة ، والغالب عليهم النصارى ، وفيهم جمع من المسلمين على مذهب الإمام أبي حنيفة ، ويؤدون الجزية إلى النصارى كما تؤدي النصارى ههنا إلى المسلمين. ولهم ملك في عسكر كثير. وأهل باشغرت في خرقاهات ، ليس عندهم حصون ، وكانت كلّ حلّة من الحلل اقطاعا لمتقدّم صاحب شوكة. وكان كثيرا ما يقع بينهم خصومات بسبب الإقطاعات ، فرأى ملك باشغرت أن يسترد منهم الإقطاعات ، ويجري لهم الجامكيات من الخزانة دفعا لخصوماتهم ، ففعل.
فلمّا قصدهم التتر تجهّز ملك باشغرت لالتقائهم ؛ قال المتقدّمون : لسنا نقاتل حتى تردّ إلينا إقطاعاتنا! فقال الملك : لست أردّ إليكم على هذا الوجه ، وأنتم إن قاتلتم فلأنفسكم وأولادكم! فتفرّق ذلك الجمع الكثير ، ودهمهم سيف التتر بلا مانع ، وتركوهم حصيدا خامدين.
باطن الرّوم
بها جيل كثيرون على ملّة النصارى. وهم كبني أمّ واحدة ، بينهم محبّة شديدة يقال لهم الطرشلية ؛ ذكر العذري أن لهم عادات عجيبة ، منها أن أحدهم