تاريخ بلغار ، وكان من أصحاب إمام الحرمين ، وملك بلغار في ذلك البرد الشديد يغزو الكفّار ويسبي نساءهم وذراريهم. وأهل بلغار أصبر الناس على البرد ، وسببه أن أكثر طعامهم العسل ولحم القندر والسنجاب.
وحكى أبو حامد الأندلسي أنّه رأى بأرض بلغار شخصا من نسل العاديين الذين آمنوا بهود ، عليه السلام ، وهربوا إلى جانب الشمال ، كان طوله أكثر من سبعة أذرع ، كان الرجل الطويل إلى حقوه ، وكان قويّا يأخذ ساق الفرس فيكسرها ، ولا يقدر غيره أن يكسرها بالفأس. وكان في خدمة ملك بلغار ، وهو قرّبه واتّخذ له درعا على قدره وبيضة كأنّها مرجل كبير ، ويأخذه معه في الحروب على عجلة لأن الجمل ما كان يحمله ، ويمشي إلى الحرب على عجلة كيلا يتعب من المشي ، ويقاتل راجلا بخشبة في يده طويلة لا يقدر الرجل الواحد على حملها ، وكانت في يده كالعصا في يد أحدنا ، والأتراك يهابونه إذا رأوه مقبلا إليهم انهزموا ، ومع ذلك كان لطيفا مصلحا عفيفا.
وفي كتاب سير الملوك أن القوم الذين آمنوا بهود ، عليه السلام ، وهربوا إلى بلاد الشمال ، وأمعنوا فيها توجد بأرض بلغار عظامهم ؛ قال أبو حامد : رأيت سنّا واحدة عرضها شبران وطولها أربعة أشبار ، وجمجمة رأسه كالقبّة ، وتوجد تحت الأرض أسنان مثل أنياب الفيلة بيض كالثلج ، ثقيلة في الواحدة منها مائتا منّ ، لا يدرى لأيّ حيوان هي ، فلعلّها سنّ دوابهم تحمل إلى خوارزم.
والقفل متّصلة من بلاد بلغار إلى خوارزم إلّا أن طريقهم في واد من الترك ، ويشترى من تلك الأسنان في خوارزم بثمن جيّد ، تتّخذ منها الأمشاط والحقاق وغيرهما ، كما تتّخذ من العاج بل هي أقوى من العاج لا تنكسر البتّة.
وحكي من الأمور العجيبة أن أهل ويسو ويورا إذا دخلوا بلاد بلغار ولو في وسط الصيف برد الهواء ، ويصير كالشتاء يفسد زروعهم ؛ وهذا مشهور عندهم لا يخلّون أحدا يدخل بلغار من أهل تلك البلاد.
وبها نوع من الطير لم يوجد في غيرها من البلاد ؛ قال أبو حامد : هو طير