والبساتين. قال : فدنونا من القصر فإذا هو من حجارة وكلس غلب عليه ماء البحر ورأينا على بابه صخرة عظيمة عليها مكتوب :
غنينا بهذا القصر دهرا فلم يكن |
|
لنا همّة إلّا التّلذّذ والقصف |
يروح علينا كلّ يوم هنيدة |
|
من الإبل يعشو في معاطنها الطّرف |
وأضعاف تلك الإبل شاء كأنّها |
|
من الحسن آرام أو البقر القطف |
فعشنا بهذا القصر سبعة أحقب |
|
بأطيب عيش جلّ عن ذكره الوصف |
فجاءت سنون مجد بات قواحل |
|
إذا ما مضى عام أتى آخر يقفو |
فظلنا كأن لم تغن في الخير لمحة |
|
فماتوا ولم يبق خفّ ولا ظلف |
كذلك من لم يشكر الله لم تزل |
|
معالمه من بعد ساحته تعفو |
قال : فعجبنا من ذلك ، ثمّ مضينا إلى الساحل الذي ذكر أن فيه كنزا ، فأمرنا الغوّاصين فغاصوا وأخرجوا جرارا من صفر مطبقة بصفر ، فلم نشكّ انّه مال حتى جمعت جرار كثيرة ، ففتحنا بعضها فخرج منها شيطان وقال :يا ابن آدم إلى متى تحبسنا؟ فبينا نحن نتعجّب من ذلك إذ رأينا سوادا عظيما أقبل من جزيرة قريبة من الساحل ، ففزعنا فزعا فاقتحم الماء وأقبل نحونا ، فإذا هي قردة قد اجتمع منها ما لا يعلم عددها إلّا الله.
وكانت تلك الجزيرة مأواها ، وأمامها قرد عظيم في عنقه لوح حديد معلّق بسلسلة ، فأقبل إلينا ورفع اللوح نحونا ، فأخذنا اللوح من عنقه فإذا فيه كتابة بالسريانيّة ، وكان معنا من يحسن قراءتها فقرأها فإذا هي : بسم الله العظيم الأعظم. هذا كتاب من سليمان بن داود رسول الله لمن في هذه الجزيرة من القردة ، إني قد أمرتهم بحفظ هؤلاء الشياطين ، المحبّسين في هذه الناحية في هذه الجرار الصفر ، وجعلت لهن أمانا من جميع الجنّ والإنس ، فمن أرادهن أو عرض لهنّ فهو بريء مني ، وأنا بريء منه في الدنيا والآخرة.