الفصل الثاني
أصحاب الروحانيات
ومن أهل الهند جماعة أثبتوا متوسطات روحانية يأتونهم بالرسالة من عند الله عزوجل في صورة البشر من غير كتاب ، فيأمرهم بأشياء ، وينهاهم عن أشياء ، ويسن لهم الشرائع ، ويبين لهم الحدود.
وإنما يعرفون صدقه بتنزهه عن حطام الدنيا واستغنائه عن الأكل والشرب والبعال (١).
١ ـ الباسنوية
زعموا أن رسولهم ملك روحاني نزل من السماء على صورة بشر ، فأمرهم بتعظيم النار وأن يتقربوا إليها بالعطر والطيب والأدهان والذبائح. ونهاهم عن القتل والذبح إلا ما كان للنار ، وسن لهم أن يتوشحوا بخيط يعقدونه من مناكبهم الأيامن إلى تحت شمائلهم ، ونهاهم أيضا عن الكذب وشرب الخمر ، وأن لا يأكلوا من أطعمة غير ملتهم ولا من ذبائحهم ، وأباح لهم الزنا لئلا ينقطع النسل.
وأمرهم أن يتخذوا على مثاله صنما يتقربون إليه ويعبدونه ويطوفون حوله كل يوم ثلاث مرات بالمعازف (٢) والتبخير والغناء والرقص ، وأمرهم بتعظيم البقرة (٣) والسجود لها حيث رأوها ، وأن يفزعوا في التوبة إلى التمسح بها ، وأمرهم أن لا يجوزوا نهر كنك.
__________________
(١) البعال : النكاح ، ومنه الحديث في أيام التشريق : إنها أيام أكل وشرب وبعال. والمباعلة : المباشرة.
(اللسان مادة بعل).
(٢) المعازف الواحد معزف : وهو آلة طرف كالطنبور والعود والقيثارة.
(٣) فالهندوس يقدسون البقر ، ويتركونه طليقا يجوب أمهات الطرق في غير حصر ، لإجلاله وتقديسه في نفوسهم، وهم يعدون قتل البقرة بل ضربها جرما شنيعا لا يغتفر.