أرض تيها يتحير سالكها ، وتعمهون : تتحيرون وتضلّون ، وعترة رسول الله صلىاللهعليهوآله أهله الأدنون ونسله ، وليس بصحيح قول من قال : إنهم رهطه وان بعدوا ، وإنما قال أبو بكر رضى الله عنه يوم السقيفة أو بعده : نحن عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله وبيضته التي تفقأت عنه ، على طريق المجاز لأنهم بالنسبة إلى الأمصار عترة له لا في الحقيقة.
ألا ترى أن العدناني يفاخر القحطاني فيقول له : أنا ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس أنه يعني أنه ابن عمه على الحقيقة ، لكنه بالإضافة إلى القحطاني كأنه ابن عمه وإنما استعجل ذلك ونطق به مجازا. وإن قدر مقدر أنه على طريق حذف المضافات أي ابن ابن عمّ أب الأب إلى عدد كثير في البنين والآباء فلذلك أراد أبو بكر إنهم عترة أجداده على طريق حذف المضاف ، وقد بيّن رسول الله صلىاللهعليهوآله عترته من هي لما قال : «اني تارك فيكم الثقلين فقال : عترتي أهل بيتي» وبيّن في مقام آخر من أهل بيته حين طرح عليهم كساء ، وقال حين نزل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ)«اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس».
قال : فإن قلت فمن هي العترة التي عناها أمير المؤمنين بهذا الكلام؟ قلت : نفسه وولداه والأصل في الحقيقة نفسه لأن ولديه تابعان له ونسبتهما إليه مع وجوده كنسبة الكواكب المضيئة مع طلع الشمس المشرقة وقد نبّه النبي صلىاللهعليهوآله على ذلك بقوله : «وأبوكما خير منكما». وقوله : فهم أزمّة الحق جمع زمام كأنه جعل الحق معهم حيثما داروا ، وذاهبا معهم حيثما ذهبوا كما أن الناقة طوع زمامها ، وقد نبّه الرسول صلىاللهعليهوآله على صدق هذه القضية بقوله : «وأدر الحق معه حيث دار» قوله : وألسنة الصدق من الألفاظ الشريفة القرآنية قال الله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (١) كما قال : لا يصدر عنهم حكم ولا قول إلّا وهو موافق للحق والصواب جعلهم كأنهم ألسنة صدق لا يصدر عنها قول كاذب اصلا بل هي كالمطبوعة على الصدق وقوله : «فانزلوهم منازل القرآن» تحته سرّ عظيم ، وذاك أنه أمر المكلّفين بأن يجروا العترة في إجلالها وإعظامها والانقياد لها والطاعة لأوامرها مجرى القرآن قال : فإن قلت هذا القول منه عليهالسلام يشعر بأن العترة معصومة فما قول أصحابكم في ذلك؟
قال : قلت نص أبو محمد بن متويه في كتاب الكفاية على أن عليّا عليهالسلام معصوم ، وإن لم يكن واجب العصمة ولا العصمة شرط في الإمامة ولكن أدلة النصوص قد دلّت على عصمته والقطع على باطنه ومغيبه وان ذلك أمر اختص هو عليهالسلام به دون غيره من الصحابة ، والفرق ظاهر بين قولنا :
__________________
(١) الشعراء : ٨٤.